-
/ عربي / USD
ها أنتم الأن تقرأون ورقتي هذه، بينما جسدي قد ابتلعه البحر حيث السكينة الأبديّة، أنا منحازةٌ لأسماك الأعماق عند إنكسار الضوء وإرتطامه بالرمال الطريّة.
لا أحبّ ديدان الأرض حيث الظلمة والرطوبة تهب وجعاً إضافيّاً للموت، لهذا منحت جسدي للماء سرّ الإنصات الأبديّ، والحضن الّذي لا تغلق ذراعاه، لم أكتب وصيّتي، فليس هناك من وصايا للّذين خذلوا في حياتهم سوى أن يتمنّوا أن يبادر أحدٌ ليدوزن الوتر النشاز، وليس لي وصايا لأقولها، فأنا محض ريشة دوريّ علقت في هواء لم يسكن ولو لحظةٌ واحدة.
حينها كان يمكنني أن أحط على شجرة وأشاهد كيف تنضج حبّة كمَثرى على صدر أمّها، أو أحط على كتف رجل ذاهب للقاء امرأةٍ قطع عهداً على قلبه أن يحبّها كما يحبّ الطائر جناحيه بينما يخفق ماراً فوق شارع يكابد عابروه الزحام.
أنا محض امرأةٍ خُذلَت في حياتها وجاءت إلى تفكر بالإعتزال كما يعتزل عازف شهير في أوج نبوغه لخلل يستشعره قادماً لا محالة، لا وصايا لي سوى هذه الكلمات فأحرقوا هذه الورقة وانثروها هنا لعلّها تصير شاهدةً جوّالةً تشير إِليّ.
"جلال برجس" روائيّ أردنيّ، حصلت روايته (أفاعي النار / حكاية العاشق عليّ بن محمود القصاد) على جائزة كتارا للرواية العربيّة، 2015؛ وحصلت روايته (مقصلة الحالم) على جائزة رفقة دودين للإبداع السرديّ، 2014؛ وحصلت مجموعته القصصيّة (الزلزال) على جائزة روكس بن زائد العزيزي، 2012؛ ووصلت روايته (سيّدات الحواسّ الخمس) إلى القائمة الطويلة للجائزة العالميّة للرواية العربيّة (بوكر)، 2019.
صدر له: (حكايات المقهى العتيق)، رواية مشتركة، 2019؛ (كأيّ غصنٍ على شجر)، شعر، 2008؛ (قمر بلا منازل)، شعر، 2011.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد