في كتابها الثاني «أشياء كنت ساكتة عنها» (ذكريات)، تسجل آذر نفيسي لنا وقائع أخرى من هذه الحياة التي عاشتها، وبطريقة أوسع، أي أنها تعود بالذاكرة إلى ما قبل الثورة بزمن طويل، عبر سيرة عائلتها، التي تتقدم في الحياة مع تقدم التغيرات التي عرفتها بلادها. لكن أول ما يلفت نظرنا، أن...
في كتابها الثاني «أشياء كنت ساكتة عنها» (ذكريات)، تسجل آذر نفيسي لنا وقائع أخرى من هذه الحياة التي عاشتها، وبطريقة أوسع، أي أنها تعود بالذاكرة إلى ما قبل الثورة بزمن طويل، عبر سيرة عائلتها، التي تتقدم في الحياة مع تقدم التغيرات التي عرفتها بلادها. لكن أول ما يلفت نظرنا، أن نظرتها هذه لا تـقدم الشيء الجديد حول إيران اليوم، تمـاما كـما تقول الكاتبة نفسها في الصفحات الأولى من الكتاب: «لا أقصد أن يكون هذا الكتاب تعليقا سياسيا أو اجتماعيا، أو قصة حياة نافعة. أود أن أحكي قصة أسرة تتكشف إزاء خلفية عهد مضطرب من تاريخ إيران السياسي والثقافي».. من هنا ينبع الكتاب بالدرجة الأولى من ذاكرتها الشخصية. وقد يكون هنا الجوهر في ما ترمي إليه الكاتبة التي تجد أنها لا تريد كتابة كتاب يخبرنا أشياء عن إيران، وليس لديها أي ميل في تسييس الأشياء، بل كل ما ترمي إليه أن نقرأها ككاتبة.
نحن إذاً أمام لوحة كبيرة، في هذه الذكريات. لوحة شخصية، تتخضب كثيرا بنبرة رومنسية، إذا جاز القول، تذكرنا بروح آنا كارينـينا، وبخاصة الجملة الأولى في الكتاب: «معظم الرجال يخدعون زوجاتهم كي يكون لهم عشيقات. أما والدي فكان يخدع أمي كي ينعم بحياة أسرية سعيدة». جملة دالة، من البداية، على الأسلوب الذي تتبعه الكاتبة في حديثهـا عن أسـرتها، وعبر هـذه السيـرة، لا بدّ مـن أن تـمرّ أمامنا بلاد لم تعد ما كانـت عليه. ربما تكمـن في هـذه النقطة أهمية الكـتاب، حـين نحـاول أن نقـارن بين زمنــين ومنـاخين، وبخاصـة أن الحـديث عن أخبار العائلة بكل «انحرافاتها» ليس من الأشياء المستحـبة في الثقافة الإيرانية مـثلما يقال