تحت عنوان "نساء الخلفاء الأمويين" تقدم الباحثة الدكتورة بثينة بن حسين قراءة جديدة تتعلق بوضع المرأة في الحضارة العربية والإسلامية. يقوم العمل على جمع المؤلفة ما جاء منثوراً من الأخبار في كتب التاريخ والأدب مثل "تاريخ الرسل والملوك" للطبري و "أنساب الأشراف" للبلاذري و "العقد...
تحت عنوان "نساء الخلفاء الأمويين" تقدم الباحثة الدكتورة بثينة بن حسين قراءة جديدة تتعلق بوضع المرأة في الحضارة العربية والإسلامية. يقوم العمل على جمع المؤلفة ما جاء منثوراً من الأخبار في كتب التاريخ والأدب مثل "تاريخ الرسل والملوك" للطبري و "أنساب الأشراف" للبلاذري و "العقد الفريد" لإبن عبد ربه، و "تاريخ دمشق" لإبن عساكر وغيرها من المصادر. وقد أخضعت المؤلفة هذه الأخبار للنقد التاريخي لتستمد منها مادة بحثها، ولتخرج للقارىء بصورة مغايرة لما بات سائداً حول وضع المرأة من خلال ما كان لنساء الخلفاء الأمويين من أدوار في مجالات السياسية والعلوم الدينية الناشئة وفي الشعر والأدب. وقد ميزت المؤلفة بين دور زوجات الخلفاء، وهن عربيات، ودور الجواري من غير العربيات، وتتطرق إلى ظاهرة تعدد الزوجات وأسبابه والذي لم يكن يترتب منه حجب المرأة أو منعها من المشاركة في الحياة العمومية. فزوجات الخلفاء، كما تبرزه الدراسة، لم تكنّ محجبات. وكانت المرأة منهن تلقب البرزة التي لها حق البروز للرجال لمقابلتهم ومحاورتهم دون حجاب ... ولم تتخلف الجواري من غير العربيات عن زوجات الخلفاء في نفس المجالات.
وفي هذا الإطار تقدم لنا المؤلفة أمثال كثيرة عن الأدوار التي لعبتها زوجات الخلفاء وجواريهم. ومن بين من اشتهرن بدورهنّ في مجال (السياسة) تذكر لنا أم خالد، زوجة الخليفة الأموي الثاني يزيد إبن معاوية التي كان تأثيرها حاسماً في تولية ابنها معاوية الثاني خليفة لأبيه. أما في مجال تلقين (العلوم الإسلامية الناشئة)، وخاصة في رواية الحديث، فقد برزت ميسون بنت بحدل الكلبية، زوجة معاوية بن أبي سفيان ... وغيرها. ولم يختصر دور تلقين العلوم الدينية ورواية الحديث على زوجات الخلفاء بل كان للجواري دور في ذلك مثل ما شهر عن ميّة مولاة معاوية إبن أبي سفيان التي كانت محدّثة ذات صيت في الشام فضلاً عن دورها كحاجبة لنفس الخليفة. ومن رواة الحديث من الجواري يذكر إبن عساكر ريّا التي عاشت قرابة المائة عام، وعايشت كل خلفاء بني أميّة من معاوية إلى هشام بن عبد الملك ... وفي مجال الأدب اشتهرت أمّ البنين. كما كان لأم حكيم، زوجة هشام بن عبد الملك، صيت في مجال الشعر والأدب ... وتخلص المؤلفة إلى أن وضع المرأة في ظل الدولة الأموية حافظ على ما كان لها من حظوة في الجزيرة العربية قبل الإسلام وفي عهد النبوة ... ولم يتدهور الوضع إلا في عهد الدولة العباسية حين تقلص دور الزوجات في الحياة العامة لصالح الجواري ... أما الهدف النهائي لهذه الدراسة هو دحض ما نشأ من روايات وتصورات ومنظومات فقهية وعقائدية كرست دونية المرأة وأقصتها من الحياة الإجتماعية وصدت في وجهها أبواب المشاركة في الحياة السياسية والعلمية ...