يشكل العنوان في رواية "سيّد بغداد" للدكتور محمد طعان، البؤرة التي تستقطب الأحداث، والنواة التي تتناسل في رحمها ثيمات النص المركزية كما أن الخطاب السردي اللاحق (النص الروائي) على ما يبدو وثيق الصلة بالمؤلف والبطل "جيمي" الجندي الأميركي الذي شارك قوات بلاده في الحرب على...
يشكل العنوان في رواية "سيّد بغداد" للدكتور محمد طعان، البؤرة التي تستقطب الأحداث، والنواة التي تتناسل في رحمها ثيمات النص المركزية كما أن الخطاب السردي اللاحق (النص الروائي) على ما يبدو وثيق الصلة بالمؤلف والبطل "جيمي" الجندي الأميركي الذي شارك قوات بلاده في الحرب على العراق، وشارك أهلها في معتقدهم "كانت عاشوراء على الدوام واجباً مقدساً وطقساً على الشيعة في العالم بأسره أن يتبعوه" هذا ما قاله السيد رجل الدين في خطابه في مجلس العزاء وهو يروي استشهاد الإمام الحسين وما "إن انتهى المجلس حتى اقترب جمهور المؤمنين من السيّد، والدمع لا يزال يُخضب أعينهم وخدودهم، وراحوا يقبلون يده أو يلامسون طرف ردائه الأسود تبركاً ..."، وعلى المقلب الآخر يقف جيمي الذي ينتظر مع جمهور المؤمنين ظهور المهدي ليخلص العراق مما لحق به من جور "ولم أشاهد يوماً ظلماً فاضحاً إلى هذا الحد ... فلماذا لا يظهر المهدي مجدداً ...". وعلى هامش الحكاية يقدم الروائي مشاهداً من عبث الحرب بمصائر الناس، والقتل، والإختفاء، والظلم، على عهد النظام الأسبق، حيث تتضامن الضحايا وتلتحم الجراح، والروائي لا يقول ذلك مباشرة بل مداورة من خلال أحداث الرواية وحركة الشخصيات في المكان، لا سيما "آمنة" التي فقدت زوجها ووجدت رفاته في مقبرة جماعية، و "فارس" الإبن البكر للشيخ رضوان، العضو الرفيع المقام في قبيلة الفريحات التي كان "السيِّد" ذاته زعيمها. وغيرها، وبهذا المعنى يكون الروائي وقف على الخط الفاصل بين التاريخ والرواية والإجتماع البشري، إلى حد إلغاء المسافة بينهما من خلال قدرته على استحضار الوقائع المنصرمة وإحيائها وعرضها على شاشة الحاضر. من أجواء الرواية نقرأ: "على مدى امتداد طريق العودة إلى بغداد لم يكفّ جيمي، الجندي الأميركي، عن النظر إلى الحجر الكريم في الخاتم الذي قدمه السيد إليه، في تلك الليلة رأى حلماً ترك فيه أثراً عميقاً. وفي العادة لم يكن يتذكر أحلامه، لكن هذا الحلم بقي جلياً في ذاكرته، وبقي لديه أيضاً شعورٌ غريبٌ بالسعادة لم يتمكن من الإمتناع من غزوه إلى الخاتم الذي كان قد أبقاه في إصبعه".