في هذا الكتاب يضع الدكتور عباس الترجمان دراسة عن حياة صالح بن عبد القدوس الشاعر الحكيم الذي عاصر النصف الأخير من حياة الدولة الأموية، وأوائل الدولة العباسية، وتمرس في مشاهداته عنهما، فكتب عنهما فكان بنظر شعراء عصره شاعر مجيد وحكيم وواعظ بصري، ولإن التاريخ لم يحتفظ بشيء عن...
في هذا الكتاب يضع الدكتور عباس الترجمان دراسة عن حياة صالح بن عبد القدوس الشاعر الحكيم الذي عاصر النصف الأخير من حياة الدولة الأموية، وأوائل الدولة العباسية، وتمرس في مشاهداته عنهما، فكتب عنهما فكان بنظر شعراء عصره شاعر مجيد وحكيم وواعظ بصري، ولإن التاريخ لم يحتفظ بشيء عن صالح بن عبد القدوس سوى بحادثة مقتله، كما يقول المؤلف، كان لا بد من الإعتناء بشعره الذي ذهب أدراج الرياح، وضاع بين الكتب والدواوين، فأمثال صالح بن عبد القدوس الذي كرس شعره في الوعظ والحكمة، والإرشاد والنصيحة، بنبرات رقيقة، وموسيقى هادئة، وأوزان مقفاة هي نادرة وخاصة ممن اتسمت أشعارهم بالحكمة فقد أجمع المؤرخون أنه كان يعظ الناس ويقص عليهم، ويجلس للوعظ في مسجد البصرة، وله كلام حسن في الحكمة.
لذلك كله، دأب المؤلف إلى جمع ما كتب حوله، منذ نشأته وسيرته، والتهمة الموجهة إليه (الزندقة) أسبابها، عارضاً للتهاتر والتهاجي في عصر الشاعر القدوس، والنصوص المختلفة للتهمة الموجهة إليه، وآراء المتقدمين حول الشاعر: بعرضٍ لأقوال مع استنتاج نظري حول ذلك، ثم يعرج على عقيدة الشاعر بالله والمعاد: على ضوء أقواله باستعراضها، ثم أقوال المتأخرين فيه، بعرضها ومناقشة بعضها، وما جاء في وصف شعره وأغراضه الشعرية، مع عرض لكامل أشعاره، وأبياته المتناثرة والتعليق عليها وشرحها. وجاءت في (60) مقطعاً شعرياً توزعت على بحور الشعر العربي الموزون والمقفى، نقرأ منها قوله: "إذا كنت لا ترجى لدفع ملمَة، ولم يك للمعروف عندك موضع/ ولا أنت ذو جاهٍ يعاش يجاهه، ولا أنت يوم البعث للناس تشفع/ فعيشك في الدنيا وموتك واحد، وعود خلالٍ من حياتك أنفع.