إن المهمة الأساسية لهذا الكتاب تقوم في تتبع التطور التاريخي والثقافي والمعرفي والمنهجي للاستشراق الروسي بشكل عام، والدراسات الإسلامية والاستعراب بشكل خاص. كما أن الاهتمام فيه موجه أساسا للمرحلة التأسيسية، على أمل استكماله لاحقا بتحليل مختلف انجازاته في المرحلة...
إن المهمة الأساسية لهذا الكتاب تقوم في تتبع التطور التاريخي والثقافي والمعرفي والمنهجي للاستشراق الروسي بشكل عام، والدراسات الإسلامية والاستعراب بشكل خاص. كما أن الاهتمام فيه موجه أساسا للمرحلة التأسيسية، على أمل استكماله لاحقا بتحليل مختلف انجازاته في المرحلة السوفيتية وما بعدها، يتميز الاستشراق الروسي بخصائص ذاتية تجعله يختلف اختلافا كبيرا عن مثيله الأوربي. ومن بين أهم هذه الخصائص تجدر الإشارة إلى اثنتين، الأولى وهي أن روسيا في مجرى توسعها وتطورها تحولت إلى دولة أوربية- آسيوية، والثانية اشتراك الشعوب الآسيوية في علم الاستشراق نفسه. مما أدى إلى صنع سبيكة قوية تتوحد فيها الرؤية الروسية وتقاليدها الثقافية بالتقاليد الثقافية للشعوب الآسيوية. ومن ثم تحول الاستشراق إلى جزء من تاريخ الوعي الذاتي للإمبراطورية الروسية بمختلف شعوبها وأقوامها وأممها. مما طبع اتجاه ومباحث المستشرقين الروس بطابع ثقافي خاص. ونعثر على ذلك بوضوح في الاختصاصات الكبرى للاستشراق الروسي الذي تمحور من حيث الجوهر حول الإسلاميات والاستعراب، أي حول الدراسات الإسلامية والعربية. وبالتالي المساهمة العلمية العميقة في توسيع المدى الثقافي للتأثير المتبادل داخل الامبراطورية الروسية وخارجها.