تعدد الفضاءات الروائية هو السمة الغالبة على رواية "حارة السفهاء" للروائي مصباح، فما بين فضاء المقدي والمدنس، والسلطة والسعب، والماضي والحاضر، تؤلف الرواية بين المتناقضات، وتجاوز بين المتضادات، وترصد حاضراً مليىء بالأحداث حيث تشكل المادة الروائية إحدى المرايا التي تعكس...
تعدد الفضاءات الروائية هو السمة الغالبة على رواية "حارة السفهاء" للروائي مصباح، فما بين فضاء المقدي والمدنس، والسلطة والسعب، والماضي والحاضر، تؤلف الرواية بين المتناقضات، وتجاوز بين المتضادات، وترصد حاضراً مليىء بالأحداث حيث تشكل المادة الروائية إحدى المرايا التي تعكس الواقع السياسي –الإجتماعي ليس في بلد الكاتب وحسب بل تحيل إلى غير منطقة في هذا العالم العربي المترامي الأطراف.
و"حارة السفهاء" ليست رواية تقليدية، حيث يكون فيها الحدث والمكان والزمان مرتباً ومختاراً بعناية، بل هي رواية يكون فيها السرد فنياً ويؤدي وظيفة مزدوجة تتمثل في الإخبار والإمتاع معاً، على نسق ما سنسمعه من الحواتي: يا سادة يا مادة! الله يدلنا ويدلكم على الشهادة، قولوا آمين (...) اليوم عم العدل والسلام، وولى زمن الباطل والبهتان..." في تهكم واضح إلى ما آلت إليه أوضاع البلاد والعباد منذ عصر الحكواتي وحتى اليوم، فمن بين عشرات –الأبواب- التي هي عناوين الحكايات في "حارة السَفهاء" ثمة ما ينتمي إلى الحقل المعجمي الديني –الإسلامي، ناهيك بأسماء أعلام وأولياء ومرشدين، إلى إشارات إلى رموز سياسية ودينية تنتمي إلى الزمن الحاضر، في لغته واضحة إلى المساحة التي يشغلها الديني ومن ثم السياسي وتعبيراتهما في حياة العالم المرجعي للرواية والذي عو عالم الإنسان في كل زمان ومكان.
تحت عنوان ساحة رحبة الغنم" آخر نصوص "حارة السفهاء" نقرأ: "... حكمة الله في خلقه: دوائر تدور، وهذه الارض والكواكب كلَها تجري إلى مستقر لها، إلاَ هذا الحفل الهزلي فلا مستقر له إلا في الدوران على نفسه إلى ما لا نهاية، من له عينان فليفتهما. ومن له مزاج للضحك فليستعد، فالأيام القادمة حبلى بشتى الدجل والأكاذيب، والمهازل والألاعيب. الموعودون الجدد يرطبون حناجرهم بزيت الخروع والزيتون استعداداً لهتافات جديدة، يدلكون الأكفَ المدماة بأدهان التماسيح والدببة والضباع من أجل فصل جديد في حقل التهييج والتهريج...".
بهذه التقنيات وبهذا الطرح يكون علي مصباح قدم نصاً روائياً مختلفاً تمرد فيه على سلطة الرواية، كما تتمرد القراءات على النصوص/ كتابوهات يمتنع الإقتراب منها...