أنَّنا نرى من المُفيدِ جدَّاً لطلَّابِ وأساتذةِ العلوم الاجتماعيَّة والإنسانيَّة والدِّراسات الفلسفيَّة والأدبيَّة أن يقرؤوا هذا الكتابَ ويتعرَّفوا على وجوهِ النَّظر فيه، علّهم يجدونَ فيه بعض الحلول الّتي يمكن الإفادة منها في تحليل واقعنا العربي، اذ لم يستطع...
أنَّنا نرى من المُفيدِ جدَّاً لطلَّابِ وأساتذةِ العلوم الاجتماعيَّة والإنسانيَّة والدِّراسات الفلسفيَّة والأدبيَّة أن يقرؤوا هذا الكتابَ ويتعرَّفوا على وجوهِ النَّظر فيه، علّهم يجدونَ فيه بعض الحلول الّتي يمكن الإفادة منها في تحليل واقعنا العربي، اذ لم يستطع المُثقَّفونَ العرب حتَّى الآن أن يقوموا بدورٍ قياديّ في إنارة الدَّرب أمامَ الجمهور، وفي شرح وتفسير المُشكِلات الّتي تتعرَّضُ حياةَ الإنسان والحضارة والمُجتمَع مُتَّخذين من منهج علم اجتماع المعرفة سبيلاً لذلك. يهتمُّ علمُ اجتماع المعرفة إذاً بأشكالِ الحياةِ العقليَّة في لحظة تاريخيَّةٍ مُعيَّنة، تتَّصلُ بالقوى السياسيَّة والاجتماعيَّة، فهو إذاً يتألَّفُ من تحليل "العلاقات الوظيفيَّة بَينَ العمليَّاتِ الاجتماعيَّة والأبنيَّة من جهةٍ، وأنماطِ الحياةِ العقليَّة في ضمنِها أساليبُ المعرفة، من جهةٍ أخرى. وكثيراً ما يُقالُ بأنَّ علمَ اجتماعِ المعرفةِ في أصولهِ وجذوره إنتاجُ الفكر الألمانيّ، ظهرَ في مناخٍ عقليّ وحضاريّ تلألأت فيه أسماء مثل (سمل) و (فيبر) و (شيللر) و (مانهايم) في فترةٍ تأريخيَّة كانَ المزاجُ العقليّ يقومُ على "وجدانٍ مُحزِنٍ ومُؤلِّمٍ" وقد وصفَ (مانهايم) تلكَ الفترة بعدَ هجرتِه إلى إنكلترا بالعبارَة التَّالية:"إذا طُلِبَ إليّ تلخيصَ أهمِّيَّة علم الاجتماع الألمانيّ سنة 1918 فلابدَّ من القول: إنَّ علمَ الاجتماع الألمانيّ نتاجُ فترةٍ من الانحلالِ وإعادةِ البناء الاجتماعيّ المصحوبِ بأعلى أشكال الوجدانِ والنَّقدِ الذَّاتيّ". عبد الجليل الطاهر