في دراسته للخطاب الديني الإسلامي ينصرف جمال أبو الرَب إلى بنية هذا الخطاب في نصَه ابتداء بهدف التعرف على هذه البنية، والكيفية التي تنتج فيها المعرفة، ثم التتبع عليها في المقولة التي تدعي أنها العارفة والمحتكرة لفهم النص ومقاصده.وانطلاقاً من تلك الرؤيا يبحث هذا الكتاب في...
في دراسته للخطاب الديني الإسلامي ينصرف جمال أبو الرَب إلى بنية هذا الخطاب في نصَه ابتداء بهدف التعرف على هذه البنية، والكيفية التي تنتج فيها المعرفة، ثم التتبع عليها في المقولة التي تدعي أنها العارفة والمحتكرة لفهم النص ومقاصده.
وانطلاقاً من تلك الرؤيا يبحث هذا الكتاب في تشغيل حاسة السمع في الخطاب الديني، وأثر هذه الحاسة على انتاج المعرفة محاولاً الكشف عن منطق الخلل في عدم تمكن العربي من إنتاج معرفة تؤهله لدخوا باب التحديث الفكري، وما يترتب عليه من تداعيات.
قسَم الكتاب إلى ثلاثة فصول: تناول الفصل الأول منطق تشغيل حاسة السمع في سورة البقرة، فبحث منطق الذوات الأولانية (الملائكة وآدم وإبليس)، ثم منطق المؤمنين والكافرين في علاقة كل من هذه الذوات بمفهومي السمع والسؤال. وتناول الفصل الثاني أثر السمع في طقوس الإقتراب من النص سواء بالتهيؤ أو بالقراءة والإستماع، وعلاقة هذه الطقوس بالإقتراب أو الإغتراب عن النص أو عن النفس، وبالتالي مسؤوليتها في إنتاج المعرفة أو تجاوزها لصالح الطقوس لا سيما الطقس الموسيقي. بينما تناول الفصل الثالث أثر تشغيل السمع في مفهوم "الأسلحة"، فبحث بداية تغير مفهوم الولاء –بناء على قوة المؤثرات السمعية- من "الجاهلية" إلى الإسلام، وذلك بالإستناد إلى تغير في دلالة ضمير المتكلمين الـ "ناء" فـ "ناء" الجاهلي "القبيلة" و"ناء" النص القرآني والسلوك الإيماني "العقيدة". ثم بحث بعد ذلك غواية السمع في فكرة التأصيل لمفهوم "الأسلحة" من منطلقين: الأول في التجربة التاريخية التي أعقبت موت الرسول، والثاني في التجربة النصية القرآنية، وختم الكتاب مباحثه في دراسة الجامع كتقنية سمعية.
وعلى هذا، يمكن القول أن كتاب "حاسَة السمع في الخطاب الديني" أراد الوقوف على أسباب تغييب البعد النقدي عند العربي المسلم، ولماذا استغنى في تدينه الفطري بالإستماع عن التفكير، في مفارقة المقولات من أجل فقه واقعه، وكيف يحدث عملية تجاوز بالنقد تؤهله من دخول دائرة التحديث الفكري الذي يقود إلى فهم أوسع للنص القرآني.