يعد عالم المغول من العوالم العجيبة في التاريخ فكانوا على هيأة قبائل صغيرة وكبيرة غير متجانسة عاشت في مناطق ذات بيئة قاسية، لكنهم سرعان ما تحولوا إلى حياة إقتصادية مزدهرة وسيطروا على أراض مترامية الأطراف، ويعود فصل كل هذا إلى نابغتهم المسمى توموجين (جنكيز) فهم لأول مرة...

يعد عالم المغول من العوالم العجيبة في التاريخ فكانوا على هيأة قبائل صغيرة وكبيرة غير متجانسة عاشت في مناطق ذات بيئة قاسية، لكنهم سرعان ما تحولوا إلى حياة إقتصادية مزدهرة وسيطروا على أراض مترامية الأطراف، ويعود فصل كل هذا إلى نابغتهم المسمى توموجين (جنكيز) فهم لأول مرة استطاعوا أن يكونوا حكومة واحدة في هذه المنطقة الواسعة، إذ شكلوا فيها إمبراطورية امتدت من المحيط الكبير حتى السواحل الشرقية للبحر المتوسط، وقد وقعت تحت سيطرة هذه الإمبراطورية الواسعة دول وأراض امتازت بحضارتها الكبيرة وثروتها الغنية مثل الصين وإيران، فاستحوذوا على مجمل أراضي العالم الإسلامي ولا سيما الطريق الرابط بينها (طريق الحرير)؛ ولذلك حدثت تحولات عميقة على المستوى التجاري الفكري والحضاري في العالم في القرن السابع والثامن الهجري / الثاني والثالث عشر الميلادي وكان لإيران في كل هذه التحولات أثر عظيم فعدّت بمنزلة مركز العالم الشرقي، على الرغم من كل الحوادث والإنعطافات الصعبة التي مرت بها هذه البلاد على المستوى الفكري والمعنوي لكن استطاعت الوقوف والإفادة من موروثها المادي والرمزي.
واللافت للإنتباه إن في هذا العصر جرت جملة من المتغيرات العميقة في الجانب السياسي والإجتماعي والإقتصادي والفكري فقد تقابل الشرق مع الغرب ووقفت الأديان تجاه بعضها البعض الآخر مثل الإسلام واليهودية والشامانية، كما حدث نوع من النزاع بين فكرة القبيلة وبين مركزة الدولة، فحدثت جملة من المفارقات الكبيرة، إذ وقعت الحروب الدامية وسالت الدماء، لكن مقابل هذا تم تأسيس جملة من الأنظمة الإجتماعية.

والسؤال الذي يمكن طرحه في هذا المورد إن أرضا مثل إيران تشكل جزء مهماً من العالم الإسلامي كيف استطاعت أن تحافظ على وجودها وتتحمل كل هذه الضربات القوية، فكيف استطاعت أن تتلافى الخسائر على المستوى الداخلي والخارجي، وقد عاشت تحت حكومة أجنبية، وكيف استطاعت أن تجدد جانبها الفكري والحضاري؟ ربما أجوبة هذه الأسئلة هي ما سيحاول أن يتناولها هذا الكتاب.