حتى عصر النهضة في الثقافة العربية، كان ثمَّة من يرى أنَّ رثاء المرأة يعدًّ خروجاً على نمط الشِّعْر القديم، أو في أحسن الأحوال لا يجد فيه أكثر من تعزية ومواساة وليس كما سيتضح، من خلال نصوص هذا الكتاب، بأنها تجربةٌ مغايرةٌ بأسئلتها العميقة، تنحو بالشعر العربي نحو ضفاف أخرى....
حتى عصر النهضة في الثقافة العربية، كان ثمَّة من يرى أنَّ رثاء المرأة يعدًّ خروجاً على نمط الشِّعْر القديم، أو في أحسن الأحوال لا يجد فيه أكثر من تعزية ومواساة وليس كما سيتضح، من خلال نصوص هذا الكتاب، بأنها تجربةٌ مغايرةٌ بأسئلتها العميقة، تنحو بالشعر العربي نحو ضفاف أخرى. ومما نحاول إثباته هنا أنَّ رثاء المرأة في ثقافتنا قديم قِدَمَ الشِّعر، من خلال نماذج تبدأ من الشعر السومري مروراً بالشعر العربي في عصوره المختلفة، وصولاً إلى الشعر العربي الحديث وقصيدة النثر. رثاء الزوجات في هذا الكتاب مدائح حزينة في غياب الممدوح، وغزل بلا غايات تحضر فيه جماليات الغائب بكثافة دون حضوره الجسدي، وتُصوِّر اللحظات الأخيرة بين شخصين عاشاً معاً، ومن هنا فإنها تنطوي كذلك على رثاء للروح التي بقيت مفردة بعد شريك يومياتها إذ يخلو السرير من الشريك الميت، فيغدو العالم كلُّه مهجوراً.