(تنقيح الأبحاث للملل الثلاث) هو من الكتب التي أثار مؤلفها عز الدولة بن كمونة قضايا ساخنة حول فلسفة الأديان، والتي يتضح فيها أثر المدرسة الأشعرية، ولا سيما كما تصوّرها أعمال فخر الدين الرازي. ففي العصر المغولي، أراد إبن كمونة أن يؤلف كتاباً في الدراسة المقارنة بين الأديان،...
(تنقيح الأبحاث للملل الثلاث) هو من الكتب التي أثار مؤلفها عز الدولة بن كمونة قضايا ساخنة حول فلسفة الأديان، والتي يتضح فيها أثر المدرسة الأشعرية، ولا سيما كما تصوّرها أعمال فخر الدين الرازي. ففي العصر المغولي، أراد إبن كمونة أن يؤلف كتاباً في الدراسة المقارنة بين الأديان، وقد أطلق على عمله إسم: تنقيح الأبحاث للملل الثلاث، وقد تعرض فيه إلى ذكر النبوات ما أجبر العامة في بغداد للخروج ضده في مظاهرات مطالبين بإحراق الكتاب ومؤلفه. فجرى تهريب إبن كمونة من بغداد إلى الحلة بتخطيط المؤسسة الحاكمة، مع إصدار الأمير تمسكاي أمره بالنداء في بغداد لإحراق إبن كمونة صباحاً على السور. ولما هدأت ثورة العوام، وضع إبن كمونة في تابوت مغطى وأرسل إلى الحلة ... وهنا يثور التساؤل لماذا نفسر هيجان العامة في بغداد؟ وما هي الإشكالات التي أثارها الكتاب، وهل الإنتفاضة كانت موجهة ضد الحكام في الدرجة الأولى، وإن كانت قد وقعت بانتهاز حادثة الكتاب. عن هذا الكتاب نقرأ من ساقه مؤلفه بن كمونة في المقدمة يقول: وبعد، فإنه قد جرت مفاوضات اقتضت أن عملت هذه المقالة في "تنقيح الأبحاث للملل الثلاث"، أعني ملّة اليهود، وملة النصارى، وملة المسلمين. فذكرت فيها أولاً أحوال النبوات جملةً، ثم ذكرت ما يختص بكل ملةٍ من هذه على ترتيب أزمنتها. فابتدأت بأقدمها زماناً، وهي الملة اليهودية، وتلوتها بأوسطها، وهي الملة النصرانية، وختمت بآخرها، وهي الملة الإسلامية (...)". هذا، وقد رتبت المقالة على أربعة أبواب جاء الباب الأول: في بيان حقيقة النبوة وأقسامها وإثبات وجودها ومنافعها وفي ذكر أمور تتعلق بها. أما الباب الثاني فجاء: في ذكر أدلة اليهود على نبوة موسى ... وذكر أصول الشرائع التي شرعهم بها على الوجه الذي نقلوه وما يتعلق بذلك من الأسئلة والأجوبة. ثم الباب الثالث وجاء: في ذكر معتقد النصارى في السيد يسوع المسيح وهو عيسى ابن مريم ... وما جاء به وكيفية كونه نبياً وإلهاً عندهم وما يتعلق بذلك من الإيرادات وأجوبتها. ويأتي الباب الرابع: في ذكر عقيدة أهل الإسلام في نبوة محمد (ص) ومعجزاته وكليات دينه وما في ذلك من المباحث من جانب المخالفين وتحقيق الكلام في الأجوبة عنها ... ومهما يكن من أمر الكتاب ومؤلفه فإنه يبقى مرجعاً لا غنى عنه في الدراسة المقارنة للأديان، وخاصة أنه صدر في عصر تشوبه الفتن والشبهات حول جوهر الدين وتفسيره تفسيراً منطقياً ... وللقارىء الحكم في نهاية الأمر.