-
/ عربي / USD
ظل آينشتاين خلال الثلاثين سنة الأخيرة من حياته يحث من دون كلل على ما يطلق عليه نظرية المجال الموحد-نظرية قادرة على وصف قوى الطبيعة في إطار شامل مترابط. لم يكن آينشتاين مدفوعاً باعتقاد حماسي في أن الفهم العميق للكون قد يكشف عن أكثر عجائبه مصداقية: بساطة ومقدرة المبادئ التي تأسس عليها. أراد آينشتاين أن يلقي الضوء على أحداث الكون بوضوح لم يصل إليها أحد من قبل، ما يجعلنا نقف خاشعين أمام أناقة وروعة الكون. لم يتوصل آينشتاين أبداً لتحقيق هذا الحلم، لأن في أيامه كان كثر من الأمور يقف حجر عثرة في سبيل ذلك. كان هناك عدد من السمات الأساسية للمادة، وقوى الطبيعة إما غير معروفة، أو في أحسن الظروف مفهومة بقدر ضئيل. لكن الفيزيائيين خلال نصف القرن الأخير مروا بعثرات ونجاحات ودخلوا طرقاً معتمة في بعض الأحيان، وظلوا يشيدون بثبات، بناءً على اكتشافات من سبقوهم، ليجمعوا معاً فهماً أ:ثر عمقاً عن كيفية عمل الكون. والآن، وبعد فترى طويلة منذ أن تساءل آينشتاين عن نظرية موحدة وخرج من ذلك خاوي الوفاض، فإن الفيزيائيين يعتقدون أنهم توصلوا أخيراً إلى إطار ينسج كل هذه الأفكار مع بعضها في ثوب متناغم لنظرية متفردة. هي في الأصل قادرة على وصف كل الظواهر الفيزيائية. تلك هي "نظرية الأوتار الفائقة، موضوع هذا الكتاب الذي بين يدينا والفريد من نوعه في عدة أمور، المر الأول أنه يعرض آخر ما توصلت إليه علوم الفيزياء والكون وأحدث أخبار علمائها، والأمر الثاني أنه مكتوب بلغة رصينة وأدبية رفيعة وبأسلوب رائع، أما الأمر الثالث فهو أن المؤلف يخاطب في الكتاب كل الناس طلاباً وعلماء ومثقفين وعاديين، والكتاب بذلك نادر وثمين. والمؤلف ليأمل أن يجد كتابه هذا اهتماماً لدى القراء الذين يحظون بقدر من الخلفية العلمية. كما يأمل أن يبلور كتابه هذا بعض الموضوعات الأساسية من الفيزياء الحديثة لطلاب العلوم ومعلميهم، مثل النسبية الخاصة والنسبية العامة وميكانيكا الكم، وكذلك يأمل أن ينقل عدوى الحماس للباحثين ليسدوا كل الثغرات على طريق التوصل إلى النظرية الموحدة التي نفكر في اكتشافها منذ أمد طويل. وقد حاول أيضاً، بالنسبة للقارئ الشره للعلوم الميسرة، أنم يفسر الكثير من التقدم المبهج في فهمنا للكون والذي تم التوصل إليه في العقد الأخير. وخلال كل الكتاب، حاول أن يلتزم ما أمكن بالجانب العلمي وفي نفس الوقت أن يقدم للقارئ فهماً حدسياً غالباً من خلال التشبيه والاستعارة عن الكيفية التي توصل بها العلماء إلى المفاهيم المعاصرة عن الكون. وبالرغم من تجنبه استخدام اللغة التقنية والمعادلات، وبسبب تضمن الموضوع لمفاهيم راديكالية جديدة، فإن القارئ يحتاج للتوقف بين حين وآخر ليتأمل مقطعاً هنا أو للتفكير في تفسير ما هناك، ليتمكن من متابعة تقدم الأفكار تماماً. ومقاطع قليلة في الجزء الرابع من الكتاب (التي تركز على أحداث التطورات) هي الأكثر تجريداً من بقية الأجزاء، وقد حرص على أن يحذر القارئ مسبقاً من هذه المقاطع وأن يقسم المتن بحيث يتمكن القراء من المرور عليها في عجالة أو حتى تخطيها من دون أن يؤثر ذلك إلا في أضيق الحدود في الانسيابية المنطقية للكتاب. وقد ضمن الكتاب مسرداً بالمصطلحات العلمية لنذكر القارئ بطريقة سهلة ومتاحة بالأفكار الواردة في متن الكتاب.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد