-
/ عربي / USD
يحتل كتاب الذات عينها كآخر موقعاً مميزاً بين كل مصنفات ريكور إذ إنه نشر سنة 1190 أي إنه جاء في مرحلة متقدمة من عمر مؤلفه، وقد شاءه بحسب اعترافه هو نفسه بمثابة تتويج لكل فلسفته، وجردة كاملة لما كان قد صنفه. والكتاب يعود من جديد إلى المشكلة التي شغلت فكرنا وكانت وراء كل سجالاته السابقة مع الآخرين وهي مشكلة الذات، والذات الفاعلة، التي كان البنيويون الفرنسيون قد أنكروا وجدها. الذات ستقوم هنا برحلات جديدة وستزور بقاعاً لم تقم بارتيادها سابقاً لتخرج مرة أخرى منتصرة ولو نسبياً. منذ المقدمة يخبرنا المؤلف بأن الكوجيتو الديكارتي الواثق من نفسه الذي اعتقد أنه قد ترسخ وكان قادراً على تأسيس ذاته بذاته قد أذله نيتشه وحوله إلى مجرد وهم. فأين تكمن حقيقة هذا الكوجيتو، هذا الأنا أفكر الذي يحتوي الذات؟ يسارع الفيلسوف إلى إقامة تمييز مهم سيكون محور كل كتابه هو التمييز بين هوية ذاتية تتغير وتبقى في الوقت عينه محافظة على ذاتها رغم مرور الزمان بطريقة الوفاء للوعد المقطوع، وبين هوية ثابتة لا تتغير ليست هي الذات بل ما يسمى بالإنكليزية the same التي تتميز عن the self. هذه الهوية التي يمكن تسميتها بالفرنسية بالتعبير le meme أو memete يمكن أن ندعوها بالعربية العين أو ما هو عينه أو العينية، وهي أقرب إلى مفهوم الجوهر الذي لا يتغير بل يظل محافظاً على ما هو عليه، على الرغم من مرور الزمان، وهاتان الهويتان تنتميان إلى حالين مختلفتين من الوجود، إذ إن الهوية الثانية تنتمي بالأحرى إلى عالم الأشياء التي هي بتصرفنا ويمكننا أن نستعملها كما نشاء، في حين أن الهوية الذاتية تنتمي إلى الوجود الذي لا يستطيع إلا أن يطرح الأسئلة حول وجوده.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد