-
/ عربي / USD
تَرانيمُ أُقْحُوانيّةٌ ، كزهرة الأُقْحُوان كيفما دارتْ يفوحُ منها العبير .. تلك هي تَغْريداتُ الدُّكتورة غالية عابدين الشِّعرية . أرى كلماتها كرُسومَاتِ قَوْسِ قُزَحٍ .. تنسِجُ حروفَها سحاباتُ عطر تحملها إليها نَسَائمُ صَبًا من سماء الجزيرة العربية إلى قلوب العاشقين وأحلام السّهارى والوالِهين .. أو هي نفحاتُ بَخورٍ من قارورة شَهْد نثرت حُمْرتَها على خدِّ وردة .. هي ليست كلمات منمّقة فحسْب ، تتجمّل حينًا وتتجسّد أحيانًا بثوب أُنثى ، بلْ هي حكاية عاشقة ، وأنشودة حبيبة ، وفكرة عصفورة لم تزلْ حائرة ، خائفة ، عاجزة عن الطيران .. ولكنْ تخْتزِن تحت جناحَيْها المُتوهِّجَين براءة طفولة ، ونقاء دمعة ، وشهقة أنين ، تستجدي الإختيارَ بين البقاء داخل قفصها الذهبيّ ، أو الخروج إلى فضاء الحريّة الواسع المُمْتلىء بالشُّهب والحرائق والنَّيَازك ؟؟ .. هي حالةٌ من القلق سَكنت داخل بريق عينيْها مدةً من الزّمن وكادت أنْ تلْتهمَ أسرار الشّوق واللّهفة والحنين إلى المكان الحالم بين ثنايا الضّلوع.
هي قصّة حبٍّ لأُنثى تشكّلت وتحوّلت إلى حالة خاصّة من الوَجْد والْجَوَى ، لم تعدْ تقدر أنْ تختزنَ أشواقها وتماهياتها أمام حبيبها ، لذلك استعادت قوّتَها واسْتلّت سَيْفَ طاقتها لتفجّرها ، حينًا في رقصة " تَانْغُو" ، أو رقصة " فلامنْكو" ، وحينًا آخر في قُبلة شَهْد أو تغْريدة عصفورة أو قصّة أميرة ما زالت تداعب أحلامها وهي مُطمَئنّة إلى أنّها لنْ تبقى حبرًا على ورق .. لكنها بالتأكيد هي قصة أُنثى فاتنة ، ساحرة ، مِغْنَاج ، تسْتثيرها أحيانًا طِبَاعُ فَرَسٍ حَرُوْنٍ تحدّدُ مسافات السّباق إلى جانب فارسِها بكلّ دِقّة ورَشَاقة وشغَف ، وترسِمُها مرّات أخرى بكلّ عُنْف وغَضَب وغَيْرة ، وحَيْرة وجُنْون ، وكَرّ وفَرّ .. وهي في ذلك تُشْبهُ رقصَاتها كما تصفها الشّاعرة نفسها .. كلّ هذه اللّوحات الجميلة والأنيقة في آنٍ مَعًا ، تنْساب مع ومضات الرُّوح ، وخطوط الجسد ، بأسلوب شيّق من صفاء الألوان والبيان .. تجد فيها رائحة الثّمار الشّهية على مائدة كتابها " تاَنْغُو الْمَشَاعِر " ، تخْتلط بنَكَهَات من عطر أُنثى وكُحْل امرأة أحبّت الحياة وعشِقت الحبيب على هواها كما تقول دون خوف من إعْصَاره الشّرقيّ وعِشْقه العربيّ .
ولذلك أرى أنّ هذه التَّرانيم المُتناغمة بأسلوبها ، رغم التّكرار في بعض مساراتها ، تشهدُ على مَوْهِبة فِطْريّة مُتَفَتِّحَة ، تتوقّد كَشُموعٍ دافئة ، مصنوعة من أعواد البَخور والمِسْك والعنْبر، تُحاكي أحلام وأشواق كاتبتها ، تحملُ بصْمتها وتتماهى مع ثقافتها وشخصّيتها في جميع مَداراتِ ومحطّاتِ رقصَاتِها وأشْعارِها .
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد