يقول المؤلف العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي بأنه كان مولعاً وحريصاً على طلب العلوم بأنواعها فوجد أن العلم كله موجود في كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل بين يديه ولا من خلفه، وفي أخبار ومؤلفات أهل البيت، فأقبل على مؤلفاتهم، مستخلصاً منها الحكم والدرر وما ينفع به العباد ومكرساً لذلك مؤلفه هذا "بحر الأنوار" حيث فيه جمع الأخبار المتعلقة بكل مقصد مما ورد في كتب الأئمة، وعمل على تنظيمها وترتيبها في أجزاء متسعة الفصول والأبواب، مضبوطة المقاصد والمطالب، فجاء هذا المؤلف على نظام لم يعهد مثله في مؤلفات القوم ومصنفاتهم حيث عمل على تصدير كل باب بالآيات المتعلقة بالعنوان، مورداً بعدها شيئاً مما ذكره بعض المفسرين منها إن كان هناك حاجة إلى التفسير والبيان.
ليحوز كل باب منه إما: تمام الخبر المتعلق بعنوانه، أو الجزء الذي يتعلق به مع إيراد تمامه في موضع أليق به، أو الإشارة إلى المقام المذكور فيه لكونه أنسب بذلك المقام، رعاية لحصول الفائدة المقصورة مع الإيجاز التام، موضحاً ما يحتاج من الأخبار إلى الكشف ببيان شاف على غاية الإيجاز.

هذا ويشير المؤلف إلى أن من الفوائد الطريفة لمؤلفه هذا اشتماله على كتب وأبواب كثيرة الفوائد رجمة الفوائد، أهملها من ألف في تلك المواضيع، فلم يفردوا لها كتاباً ولا باباً: ككتاب العدل والمعاد، وضبط تواريخ الأنبياء والأئمة عليه السلام، وكتاب السماء والعالم المشتمل على أحوال العناصر والمواليد وغيرها بما لا يخفى على الناظر فيه.

وعلى ذلك، جاء هذا المؤلف مؤلفاً جامع المقاصد، طريف الفرائد، مشتملاً على أنواع العلوم والحكم والأسرار، وغنياً عن جميع كتب الأخبار، وهذه إضاءة لما جاء من مواضيع في المجلد الأول، فيعطي القارئ فكرة عامة عما جاء في سائر مجلدات هذا المؤلّف البالغة خمس وخمسون مجلداً حيث يقع كل مجلد ضمن جزأين، جاء في الجزء الأول من المجلد الأول الأبواب التالية: بيان في الأصول والكتب المأخوذة منها، بيان في الوثوق على الكتب المذكورة وإختلافها في ذلك.، كتاب العقل والعلم والجهل: أبواب العقل والجهل (فضل العقل وذم الجهل، حقيقة العقل وكيفيته ومبدء خلقه، إحتجاج الله تعالى على الناس بالعقل وأنه يحاسبهم على قدر عقولهم، علامات العقل وجنوده، النوادر) كتاب العلم: أبواب العلم وآدابه وأنواعه وأحكامه (فرض العلم، ووجوب طلبه، والحث عليه، وثواب العلم والمتعلم، أصناف الناس في العلم وفضل حب العلماء، سؤال العلم، وتذاكره، وإتيان بابه، مذاكرة العلم، ومجالسة العلماء والحضور في مجالس العلم وذم مخالطة الجهال، العمل بغير علم، العلوم التي أُمر الناس بتحصيلها وبنفعها، وفيه تفسير الحكمة، آداب طلب العلم وأحكامه.

أما الجزء الثاني وفي أبوابه جاء: (ثواب الهداية والتعليم وفضلهما وفضل العلماء...، إستعمال العلم، والإخلاص في طلبه، وتشديد الأمر على العالم، حق العالم، صفات العلماء وأصنافهم، آداب التعليم، النهي عن كتمان العلم والخيانة وجواز الكتمان عن غير أهله... فضل كتابة الحديث وروايته، من حفظ أربعين حديثاً، آداب الرواية... التوقف عند الشبهات والإحتياط في الدين، البدعة والسنة والفريضة والجماعة والفرقة.

وفيه ذكر قلة أهل الحق وكثرة أهل الباطل، ما يمكن أن يستنبط من الآيات الأخبار من متفرقات مسائل أصول الفقه، البدع والرأي والمقاييس، غرائب العلوم من تفسير أبجد وحروف المعجم وتفسير الناقوس وغيرها.

هذا ما جاء في المجلد الأول بجزأيه وقد جاءت جميع المجلدات ضمن هذا الترتيب على أن يكون لكل مجلد مواضيعه الخاصة به والتي لم تخرج عن نطاق أبواب الفقه وكتب الحديث وغيرها من المواضيع التي تُعلم المسلم ما يهمه من أمور دينه ودنياه من خلال الكتاب والسنّة كما ومن خلال أخبار أئمة أهل البيت عليهم السلام.