لزمن طويلٍ، ظلّ النقاش حول التّرجمة حبيس المفاهيم الثنائية التي أبانت تجربة الحداثة عن إفتقادها الواقعيّة والدقةَ في الآن نفسه، فطويلاً تساءل المعنيّون بشأن هذه الممارسة عمّا إذا كان على التّرجمة أن تكون أمينة، ولنضرب صفحاً عن جمالها، أم أنّها، لكي تكون جميلة، ينبغي ألاّ...
لزمن طويلٍ، ظلّ النقاش حول التّرجمة حبيس المفاهيم الثنائية التي أبانت تجربة الحداثة عن إفتقادها الواقعيّة والدقةَ في الآن نفسه، فطويلاً تساءل المعنيّون بشأن هذه الممارسة عمّا إذا كان على التّرجمة أن تكون أمينة، ولنضرب صفحاً عن جمالها، أم أنّها، لكي تكون جميلة، ينبغي ألاّ تجازف بالسقوط في مهاوي الخيانة، أهي ممكنة أم مستحيلة؟ أهي مجرّد نسخة ناقصة عن أصلٍ لا يمكن تقليده، أم هي صورة جديدة لنصّ هو نفسه غير مكتمل؟ بورتريت دقيق للآخر، للغريب، مثلما يتجلّى في نصّه، أم إحترام مطلّق لقيَم اللّغة والثقافة المُستقبِلة؟...
إنّ مثل هذه المقابلات المتناظرة، التي يُبطِل بعضها بعضاً، لم تعدْ لحسن الحظّ توجّه التفكير المتعلّق بالتّرجمة، لقد أخْلت مكانها لتصوّرات جديدة، ليست بالضّرورة محكومة بالثنائيّات، تصوّرات تُخضِع الأصلَ وترجمته، والنصّ والرّوح، والخصوصيّ والغريبَ، وغيرها من الثنائيات المفاهيميّة، تُخضعها إلى ضربٍ جديدٍ من المساءلة.
يجتهد هذا الكتاب في تجليته، قبل أن يتصرف إلى مراجعة تصوّر العرب للترجمة، ثمّ إلى مقاربة ترجمة الشّعر إلى العربيّة من باب المقارنة والنّقد.
وتجدر الإشارة أن هذا الكتاب قد صدر باللّغة الفرنسية منذ سنوات، وتصدر صيغته العربيّة هذه في لحظة يشهد فيها التفكير بالفعل الترجميّ في العربية تصاعداً وتعمُّقاً غير مسبوقَين.