"الأسد والغواص" حكاية رمزية عربية من القرن الخامس الهجري، تذكرنا ببعض أحداث "ألف ليلة وليلة"، والغواص زاهد حكيم رأى في أمور الدولة بعض الاضطراب فعرض على الملك أن يتعاون معه لإعادة الأمور إلى نصابها في مقابل أن يكون هو إذن الملك، ورأيه، ومستشاره في المجالات التي لا يحسن...
"الأسد والغواص" حكاية رمزية عربية من القرن الخامس الهجري، تذكرنا ببعض أحداث "ألف ليلة وليلة"، والغواص زاهد حكيم رأى في أمور الدولة بعض الاضطراب فعرض على الملك أن يتعاون معه لإعادة الأمور إلى نصابها في مقابل أن يكون هو إذن الملك، ورأيه، ومستشاره في المجالات التي لا يحسن الانفراد بالرأي فيها, لكنه لا يريد أن يكون كذلك بالنسبة للملك من أجل الجاه والقوة والسواد، بل "لأن في صلاح الملك صلاح مملكته ورعيته. وفي صلاح مملكته ورعيته صلاح الجملة التي الناصح جزء منها يضره ما يضرها وينفعه ما ينفعها". أما مضامين النصيحة والرأي اللذين يحملهما الغواص فمعروفة وتتعلق بوحدة السلطة والأرض والجماعة. وقد قبل الملك اتخاذ الغوّاص معاوناً له بعد رأي رغم ما في ذلك من مصلحة له وللدولة في نظر الغوّأص.
وضمن العلاقة الجديدة الحافلة بالتعقيدات أسهم الغوّاص أسهاماً ملحوظاً في إعادة تنظيم إدارة الدولة، والقضاء على المتمردين وأمراء الأطراف المتغلبين. لكن بمرور الوقت شعر الغوّاص أن السلطة لم تكن في مستوى مضامين العلاقة الوثيقة التي أرادها معها. صحيح أنه يكيل المدح للملك وحكمته، لكنه يشير من جهة ثانية إلى أن الملك وقع في حبائل مكيدة دبرها خصوم الغوّاص الغيورون منه من بين بطانة الملك.
وهكذا وجد الغوّاص نفسه في السجن دونما ذنب معروف غير بعض الوشايات الواهية الثبوت. وتحقق الملك أخيراً من براءة ساحته مما نسب إليه فأطلق سراحه، وعرض عليه صيغة جديدة للتعاون، لكن المستشار الخارج من السجن، ما وجد في الصيغة المعروضة ما يغري بالاستمرار على النمط السابق.
فعاد إلى معتزله وعاد إلى بلاد الملك، ولا الملك ألح على عودته، رغم أن استمرار الصلة كان يعطي الأمل دائماً بإمكان تحقيق حلّ وسط. فالقصة في الواقع رمز للصحوة بعد الحماس الشديد في أوساط العلماء لسياسات السلاجقة الأولى تجاههم