كانت الحرب اللبنانية وإلى وقت قريب حصيلة تفاعلات وتراكمات لا يمكن معرفة خلاصتها. ذلك أنه لا يمكن اختزالها في عنصر واحد من عناصرها، وفي هذا المخاض لا بد من بحث تفسيرات أخرى لأسباب اندلاع الحروب عموما والحرب اللبنانية خصوصا.يختار مؤلف الكتاب مفهومان عملانيان ويدرس العلاقة...
كانت الحرب اللبنانية وإلى وقت قريب حصيلة تفاعلات وتراكمات لا يمكن معرفة خلاصتها. ذلك أنه لا يمكن اختزالها في عنصر واحد من عناصرها، وفي هذا المخاض لا بد من بحث تفسيرات أخرى لأسباب اندلاع الحروب عموما والحرب اللبنانية خصوصا. يختار مؤلف الكتاب مفهومان عملانيان ويدرس العلاقة بينهما وهما (العدالة والشرعية)، إنطلاقا من كون هذه الأخيرة - أي الشرعية - بناء ناموسيا نسقيا وضعيا "هي علاقة غاية بوسيلة وأن هذا أمر يتفق عليه الطبعيون والوضعيون على السواء. ومما يتفق عليه أيضا هذان الطرفان هو كون العدالة غاية إجتماعية لا فردية وكون الوسيلة المذكورة فعلا إجتماعياً يشرع نظم العلاقات الإنسانية بالنسبة إلى الحقوق والواجبات ..." وفي هذا السياق يقف مؤلف الكتاب موقف الضد مما ينادي به بعض الوضعيين من كفاية الشرعية (كوسيلة) للعدالة، كما أنه ضد رفض الطبعيين لكفاية الشرعية (كشرط) للعدالة وضد رفض بعضهم ضرورة الشرعية للعدالة. وبكلام آخر ينكر المؤلف ما جاء به بعض الطبعيين من نزعات ميتافيزيقية تقوم على "(إستلهام الغيب المطلق ورهنهم لإمكانية العدالة بوجود الله أو قبلية الحق الطبيعي كناموس ميتافيزيقي) وتبرير إستعمال العنف وزهق الأرواح البريئة من أجل تحقيق العدالة". وبالنتيجة استخلص المؤلف أن ضرورة العدالة ليست "ضرورة قبلية مطلقة بل ضرورة شرطية لا تلزم ... أما إدخالها في تعريف المجتمع الصالح إطلاقا وبوصفه كذلك فهو أمر لا يخلو، من التعسف ولا ينجو من تهمة العجز التصوري وهدر القيم وتقزيم الإمكانيات الإنسانية".