الموسيقى هي ثاني الفنون الرومانسية بعد الرسم، وهي أكثر الفنون تحرراً من المادة الثقيلة. فالموسيقى تتعامل مع الصوت، والصوت مادة متلاشية، حركة اهتزازية ليس لها شكل جسماني ولا استمرارية فيزيقية. ومن هنا فإن الموسيقى هي من أقدر الفنون على التعبير عن الداخلي، اذ ان الذاتية هي شكلها ومضمونها ومادتها معاً.
والمهمة الرئيسية للموسيقى تكمن لا في تصوير الأشياء الواقعية، بل في ترنين الأنا الصميم وداخليته العميقة، وذاتيته الفكروية. والموسيقى لا تُعبّر عن النفس فحسب، بل تخاطب النفس أيضاً. فهي، تعريفاً، الفن الذي تتوسله النفس للتأثير على النفوس.

وفي هذا الكتاب يرسي هيغل بعض الأسس النظرية، وحتى العملية، لعلم جمال الصوت، وللعلاقات الجمالية بين الصوتية البشرية والآلية وبين التعبير عن العمق الأبعد غوراً للنفس البشرية.