يبدو المجتمع السعودي، عند الانتهاء من قراءة صفحات هذا الكتاب، مجتمعاً متماسكاً، دقيق التركيب، لا تعدم حتى ثغراته الفاغرة وظيفة ودوراً، فالعاملون، من غير السعوديين ليسوا فقط وافدين يحولون بين المجتمع السعودي وبين أن يمد جذوراً في دائرة الإنتاج، بل أنهم أيضاً عامل تضامن بين السعوديين الذين توحد بينهم "سعوديتهم" بازاء خارج إنتاجي، عمالي، يجمع إلى الاختلاف القومي الاختلاف الديني والثقافي.
وكما يبدو المجتمع السعودي مجتمعاً متصل التاريخ، متلاحق الحلقات، لم تقو الظواهر الطارئة، الغريبة، على كسر اتصاله وفصم حلقاته. فعلاقات القرابة تتسع حتى تشمل المجتمع كله، وتطغى علاقات التوزيع التي تضطلع به الدولة حتى تلم بين برديها المناطق والتكتلات والفئات المختلة.

أي أن الأهل والغنيمة مازالا دعامتي العلاقات بين كتل المجتمع، وبين الدولة والخارج، ويمكن القول بأن المؤلف قام بطرح موضوع مقومات السياسية في المملكة العربية السعودية على بساط البحث مما دعاه إلى تسليط الضوء على تركيبه المجتمع السعودي، بدولته وعلاقاته السياسية والاجتماعية معاً، بحث ذلك من خلال فصول هذا الكتاب الخمسة حيث تحدث عن البنية الاجتماعية للرئاسة القبلية، وعن مدينة البداوة وتناول بإسهاب التلازم الذي كان بين دعوة "محمد بن عبد الوهاب" مع نشأة الملك والتي لم تنفصل عنه ثم انتقل للحديث عن تراكم السلطة الأولي مبيناً علاقات الدولة السياسية