يقول ابن الحداد مؤلف "الجوهر النفيس في سياسة الرئيس" في مطلع مؤلفه: "...لما كان العدل هو ميزان الله في أرضه، وبه يتوصل إلى أداء فرضه، بادرت إلى جمع لمعة فيما ورد من محاسن العدل والسياسة لذوي النفاسة وأرباب الرياسة، وجعلتها كتاباً، وسمته بالجوهر النفيس في سياسة الرئيس. وكان...
يقول ابن الحداد مؤلف "الجوهر النفيس في سياسة الرئيس" في مطلع مؤلفه: "...لما كان العدل هو ميزان الله في أرضه، وبه يتوصل إلى أداء فرضه، بادرت إلى جمع لمعة فيما ورد من محاسن العدل والسياسة لذوي النفاسة وأرباب الرياسة، وجعلتها كتاباً، وسمته بالجوهر النفيس في سياسة الرئيس. وكان الذي حداني إلى ذلك ما انتشر في البلاد واشتهر بين العباد من حسن سيرة المولى الأمير الكبير، الأسعد، الأمجد، العالم، العادل، الكامل، الزاهد، العابد، المجاهد، أخص الخواص، العامل بالإخلاص، كهف الفقراء والمساكين، ملك الأمراء والمقدمين، خالصة أمير المؤمنين، سعد الدنيا والدين، ولي الدولة البدرية، وصفي المملكة الرحيمية- خلد الله سلطانها: وأعلى في الدارين مكانها وإمكانها...". وولي الدولة البدرية، وصفي المملكة الرحيمية هو لؤلؤ الملقب ببدر الدين والملك الرحيم، الذي ملك الموصل ما يزيد على أربعة عقود من الزمان، ضم إليه خلالها سنجار (637هـ) وجزيرة ابن عمر (649هـ)، وبقي مدى طويلة أقوى شخصيات الجزيرة الفراتية خصوصاً بعد وفاة مظفر الدين كوكبوري (630هـ) صاحب إربل. وعندما توفي عام 657هـ عن نيف وثمانين عاماً، كانت المنطقة كلها قد وقعت في قبضة التتار، ولم يتمكن ولداه ركن الدين إسماعيل وسيف الدين إسحاق من متابعة سياسته في محاسبة الغزاة والتخاضع لهم، فالتجآ إلى مصر المملوكية إلى حين، وسقطت الموصل بعد سقوط الجزيرة كلها في يد الغزاة الجدد عام 659هـ.