-
/ عربي / USD
يضع مؤرخ الفلسفة في متناولنا رؤى مختلفة للعقل البشري ،وتاريخ الفلسفة هو تاريخ الفكر الذي لا يمكن أن يتصدى له أحد ما دون أن ينظر إليه في إطاره التاريخي والاجتماعي والمناخ الذي نشأ فيه. إلا أن إطلاق نظرة شاملة على ماضي الفلسفة ليس من الأمور المتاحة للجميع بسبب التعقيد الهائل الذي يحفل به تاريخها فربما يأتي عرضاً سطحياً أو موجزاً لا يحقق الأهداف المتوخاة منه كما أن من يريد كتابة تاريخ للفلسفة يجب أن يضع نصب عينيه، إيجاد أجوبة وحلول لمشكلات طالما طرحها الفكر الفلسفي عن أصول الفلسفة وحدودها وعن المدى الذي حققه هذا الفكر من الاستقلالية بذاته مما جعله متمايز عن بقية العلوم، وأخيراً إلى أي حد يمكن القول أن الفكر البشري يسير أو يتقدم بشكل مطرد حتى يصبح القول أنه امتلك أجوبة على جميع المشكلات التي يطرحها ممكناً وعلى المؤرخ قبل أي شيء أن يكون له موقفاً من هذه المسائل قبل أن يشرع بكتابة تاريخ للفلسفة.
وتظهر لنا النتائج التي توصل إليها الأنثروبولوجيين أن مذاهب الإغريق الفلسفية ريما كانت شكلاً ناضجا لفكر أقدم من كثير نشأ لدى الشرقيين. غير أن برهيية وهو يؤرخ بدءا من طاليس لا يتجاهل ما قبل هذا التاريخ الذي نضج فيه الفكر الفلسفي وإنما يدعن لأسباب عديدة مثل قلة الوثائق والمنقوشات الكتابية لحضارات ما بين النهرين وصعوبة الوصول إليها. ولأنه يعتقد أن تاريخ الفلسفة ليس عرضاً مجرداً لأفكار ومذاهب منفصلة عن مقاصد واضعيها وعن المناخ المعنوي والاجتماعي الذي نشأ فيه فإنه يطرح مشكلة استقلال تاريخ الفلسفة عن تاريخ بقية العلوم العقلية طرحاً تاريخياً تحليلياً. وهو يؤمن أن الفلسفة لا يمكن أن تنفصل عن الحياة الروحية التي يعبر عنها بالدين والعلم والفن والحياة وعلى مؤرخ الفلسفة أن يحافظ على قدر من التماس بالتاريخ السياسي العام وبتاريخ جميع علوم العقل لأن يسعى إلى عزل الفلسفة بوصفها لون مستقل ومنفصل عما عداه.
إنما أي فكر إنما يتضمن تاريخاً لجهود الإنسانية الفلسفية والعقل البشري لا يجدد نفسه بانعزاله عن تاريخه الذاتي. ولأن كانت المحاولات الأولى لوضع تاريخ للفلسفة قد بدأت في عصر النهضة فقد اقتصر ذلك على الفلسفة القديمة لأن رجال النهضة كان هدفهم ترميم الماضي وإحياءه وبعثه. أما إميل برهييه فيهدف إلى رسم صورة شاملة وحية قدر الإمكان وقد أراد لكتابه هذا أن يكون دليلاً يقود القارئ على الطريق الطويل الذي سار فيه العقل، طريق الفيلسوف.
وقد جاء في الكتاب في أجزاء سبعة هي على التوالي: المدخل- المرحلة الإغريقية- المرحلة الهلنستية والرومانية- العصر الوسيط والنهضة- القرن السابع عشر، القرن الثامن عشر، القرن التاسع عشر: مرحلة المذاهب (1800-1850)- القرن التاسع عشر بعد 1850، القرن العشرون وقد تضمن كل فصل إحالات إلى النصوص المهمة، واتبع كل ذلك بلائحة بالمراجع وبمؤلفات الفلاسفة الواردة أسماؤهم وبالدراسات والمقالات الضرورية.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد