أهمل الباحثون، بشكل عام الناحية الفلسفية عند الجاحظ، وشغلوا بالجانب الأدبي، مع أنه لم يكن أديباً فقط، بل كان مفكراً، ومفكراً كبيراً أيضاً، أشرأب بنظره إلى ما بعد تخوم الأدب وأطل على ميادين الفلسفة المختلفة من طبيعيات وآلهيات وجماليات وأخلاقيات واجتماعيات، متابعاً ما...
أهمل الباحثون، بشكل عام الناحية الفلسفية عند الجاحظ، وشغلوا بالجانب الأدبي، مع أنه لم يكن أديباً فقط، بل كان مفكراً، ومفكراً كبيراً أيضاً، أشرأب بنظره إلى ما بعد تخوم الأدب وأطل على ميادين الفلسفة المختلفة من طبيعيات وآلهيات وجماليات وأخلاقيات واجتماعيات، متابعاً ما يعترك في ساحتها من مذاهب، وما يحتدم عندها من جدل. كما تطرق إلى جميع المسائل تقريباً التي تصادف الإنسان وأصدر حولها العديد من الآراء المنهجية السديدة، ودفعه فضوله العلمي إلى إبداء آرائه حول مسائل الفلسفة الأساسية، إلا أنه لم يقدم على جمعها في صيغة مذهب فلسفي منتظم على نحو ما نعهد لدى كبار الفلاسفة. والغاية الأساسية من هذا الكتاب هي البحث عن تلك الآراء الفلسفية في آثار أبي عثمان، وجمعها وتصنيفها وتنسيقها، في محاولة لاستجلاء نظرة الجاحظ إلى الإنسان والكون.