عندما نلقي نظرة فاحصة على الصفحات التي يتحدث فيها باشلار عن المذاهب الفلسفية ويشبهها بطيف فلسفي يحكم عناصره جدل التنافر التكاملي، لا سيما كتاب "العقلانية المطبقة" يتقوى لدينا الشعور بأسلوب المصالحة الهيغيلية الذي يلجأ إليه باشلار للتغلب على استحالة إيجاد الفلسفة المطابقة...
عندما نلقي نظرة فاحصة على الصفحات التي يتحدث فيها باشلار عن المذاهب الفلسفية ويشبهها بطيف فلسفي يحكم عناصره جدل التنافر التكاملي، لا سيما كتاب "العقلانية المطبقة" يتقوى لدينا الشعور بأسلوب المصالحة الهيغيلية الذي يلجأ إليه باشلار للتغلب على استحالة إيجاد الفلسفة المطابقة للفكر العلمي الجديد، الذي يعتد به، مما يدفعه إلى البحث عنها حيثما كان يوهم بتعذر العثور عليها، وتلك إحدى مفارقات الباشلارية. يأتي الكتاب في هذا السياق، يتحدث فيه المؤلف عن قناعات باشلار الغير بريئة والتي جاءت لتملأ فراغاً صحيحاً وأصلياً في النص وثغرة تكوينية في المذهب، وهذا ما جعله (المؤلف) على صفحات هذا الكتاب يولي اهتماماً أكثر إليها، وعليه، فإن فصول الكتاب، بأي حال من الأحوال، لا يمكن اعتبارها عرضاً للفكر الباشلاري، بل هي قراءة له، وهي قراءة غير إطنابية، بل مشخصة للأعراض، تقف عند الفراغ الموجود بين الكلمات أكثر مما تقف عند الكلمات، تتصيد دون حدود النص الباشلاري، أكثر مما تنشد قوته، دون أن يعني ذلك غياباً كلياً للعرض، لكن هذا الأخير يبقى تمهيداً وفرشاً لا بد منه للنقد، وهذا ما يبرر وجود فصول بكاملها ليست لها علاقة مباشرة بالنص الباشلاري، لكنه لازمة لتهيئة المجال لانتقاده.