لو أردنا أن نتحدث عن مبدأ "معقول" ما في الطبيعة، فإنه سيكون المصادفة ولا شيء غير المصادفة. فنحن نعيش في عالم تحكمه الصدفة، عالم لا يمكن التيقن فيه من شيء أبداً.ولئن كانت المصادفة تلعب دوراً سلبياً وغالباً ما يكون مدمراً، فتخلق المصاعب للإنسان وتتدخل في حياته وتعيق التقدم...
لو أردنا أن نتحدث عن مبدأ "معقول" ما في الطبيعة، فإنه سيكون المصادفة ولا شيء غير المصادفة. فنحن نعيش في عالم تحكمه الصدفة، عالم لا يمكن التيقن فيه من شيء أبداً.
ولئن كانت المصادفة تلعب دوراً سلبياً وغالباً ما يكون مدمراً، فتخلق المصاعب للإنسان وتتدخل في حياته وتعيق التقدم عموماً، إلا أنه ينبغي لنا أن نتعود على التفكير في المصادفة لا كعائق مزعج أو مجرد "زائدة" غير ضرورية -كما يعرفها الفلاسفة- وإنما كنبع لإمكانيات لا حصر لها، ولاحتمالات لا يستطيع أي خيال جامح أن يدركها. فهي قد تكون عمياء وقد تكون نافذة البصيرة حادة الذكاء. إنها تدمر حتماً، ولكنها تخلق أيضاً. تسبب الأسى بالضبط كما تبعث المسرة. تعيق طبعاً، لكنها تعين في الوقت نفسه.
في هذا الكتاب النادر المثيل، يغوص عالم السبرنيتيه الروسي ليونارد راستريغين في ذلك العالم المجبول بالفوضى والعشوائية واللاانتظام ليكشف لنا عن آليات عمل المصادفة والتحكم في الأساطير والألعاب وصالات القمار وبارات المدينة وقصص الأطفال الخرافية... وفي الحروب والجرائم والصناعات.. كما في الكائنات الحية والتطور والطب.. إلى آخرة. وكل ذلك بأسلوب سهل وممتع، حتى إذا انتهى القارئ منه، اكتشف أن الجرعة العلمية التي قدمها له كانت دسمة بحق، وشيقة أيضاً.