لطالما صيغت مسائلنا السياسية والثقافية صياغات شكوكية، إستفهامية، لم تحظَ في لبنان، كما في الأقطار العربية كلها، بأجوبة تاريخية إجتماعية، متناسبة مع مستلزمات العقل العلمي الدقيق... مما ولّد، وعلى مدى القرنين الماضيين، عقائد التباسية وتلبيسية، عقائد ذات مصِّادر سحرية/...
لطالما صيغت مسائلنا السياسية والثقافية صياغات شكوكية، إستفهامية، لم تحظَ في لبنان، كما في الأقطار العربية كلها، بأجوبة تاريخية إجتماعية، متناسبة مع مستلزمات العقل العلمي الدقيق... مما ولّد، وعلى مدى القرنين الماضيين، عقائد التباسية وتلبيسية، عقائد ذات مصِّادر سحرية/ أسطورية مضمرة، وتوظيفات سياسية/ ثقافية مكشوفة... شكلت في مجموعها حال من الخبل أو الجنون الذي يستمد نسغه ويتغذّى من شيوع الأميّة السياسية والسلفية الدينية والإنغلاق المعرفي...
حال الجنونية أو الجهلانية السياسية - الثقافية هذه تخلق مأزقاً معرفياً او مأزقاً تعارفياً تضيع معه معالم الهيئة الإنسانية، ناهيك بالسياسة للمواطن اللبناني، والعربي عموماً، بفعل عوامل التجهيل والتغيب والتجنين والتبذير الناشطة فيه على مدار الساعة، فيُصادر على هويته الوطنية والقومية، لا بل على مستقبله العالمي كإنسان، وهذا ما يجعله يتصرّف تصرفاً إنشطارياً، إحراجياً والتباسياً، مع نفسه أولاً، ثم مع من يعيش معهم - ومع ذلك يرفض الإعتراف بهم والتماهي معهم - في ما يدعونه "الوطن المشترك" أو "دولة الوحدة"؟.
في هذا المبحث المكرَّس للنظر في فرضيات ذلك الجنون السياسي - الثقافي الذي يستبدّ بمجتمعاتنا العربية من خلال لعبة الدين والسياسة، يجد القارئ رصداً أولياً لمصادر هذا الإحراج أو الإلتباس السياسي/ الديني الذي يكشف عن نفسه كفضيحة في لبنان، ويحاول أن يتوارى عن الأنظار، وراء ستائر شعائرية، في غير بلد عربي.