-
/ عربي / USD
ما معنى أن نتفلسف من الموضع الروحي الذي يخصّنا؟ إننا لم نفهم هذا السؤال إلى حدّ الآن إلاّ من زاوية "قراءات التراث"، والحال أنّ هذا الحصر غير مبرّر إلاّ تجوّزاً.
إن مقصودنا هو الزجّ بإمكانية التفلسف التي بحوزتنا، من حيث هي واقعة لا نجد معناها إلا في نفسها، داخل الأفق الإشكالي الذي رسمته الفلسفة المعاصرة، ليس بما هي فلسفة "غربيّة" (فذلك مزعم لا فَلْسفيٌّ لا يصمد أمام المساءلة التاريخية)، وإنمّا بما هي تقليد في التفلسف دفع بأسئلة الميتافيزيقا التي عمل في نطاقها الفارابي وابن رشد إلى مداها الأقصى.
كيف تفكّر في الإنحسار التاريخي للعرب اليوم، لا بمقتضى ما يقولونه عن أنفسهم، بل في ضوء الإشكالية الأساسية للفلسفة المعاصرة من حيث إنها تجد في مسألة "نهاية الميتافيزيقا" أفقها الخاص؟.
لقد كان الفيلسوف، في تاريخ الحقيقة التي تأسّست عليه ثقافتنا، دائماً، فيلسوفاً "نابتاً"، أي كائناً لم يجد لنفسه مستقرّاً، فإذا هو مضطرٌ في كلّ مرة إلى إستحداث التشريع الروحي الذي يجعل وجوده ممكناً، بيد أنّ وضعية "النابت" هذه التي فك بموجبها الفلاسفة العرب، إنما هي - حسب إفتراضنا - الوضعية الراهنة للفيلسوف المعاصر بعامةٍ، الفيلسوف الذي وجد أنّ عليه أنْ يتفلسف في عصر "نهاية الميتافيزيقا"، تساوى في ذلك "نوابت" الغرب والعرب.
إن العالميّة إمتحانٌ عسيرٌ لمن يفكّر في ظل ثقافة فقدت جزءاً كبيراً من ثقتها في عصرها وفي نفسها في آن، وليس بعيد هذا النحو من الثقة مثل المساءلة الفلسفية، ذلك هو بعامةٍ الغرض من هذا الكتاب
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد