-
/ عربي / USD
إن الديموقراطية هي إفراز بنيوي متقدم لمجتمعات متقدمة، وأنها بدون أن تكون كاملة هي النظام السياسي الأرقى والأكثر عقلنه بين سائر الأنظمة السياسية التي اخترعتها البشرية في مسارها التاريخي الطويل. إعادة الاكتشاف هذه لـ "فضيلة"الديموقراطية تكاد تشكل السمة الأكثر تمييزاً للوعي النقدي للجيل الذي ينتمي إليه كاتب السطور في نهاية القرن العشرين هذه.
ولكن نشوة الاكتشاف أو إعادة الاكتشاف وعلى الأخص بعد طول إحباط وخيبة، تحمل معها محذورها: فالديموقراطية مهددة بأن تتحول وقد تحولت فعلاً لدى شريحة واسعة من الإنتلجنسيا المنتجة للخطاب العربي المعاصر، إلى أيديولوجيا ديمقراطية بديلة عن الإيديولوجيا الثورية أو القومية الآفلة شمسها.
ضمن هذه المقارنة تأتي مقالات جورج طرابيش في هذا الكتاب هذا وإن أكثر ما تسمح به هذه المقالات هو الحذر من السقوط في هذا المطب، وفي التحول عن الوعي النقدي إلى وعي أيديولوجي يتعامى عن المشروطية التاريخية للديموقراطية ليؤسسها في غنائية مثالية خلاصية، ولا تدعي مقالات هذا الكتاب لنفسها من أهمية (وإن تكمن قد نشرت قبل فترة مضت)، إلا أن أهميتها تستمدها من الأهمية التي باتت للمسألة الديموقراطية في الخطاب العربي المعاصر، ولكن نظراً لأن الديمقراطية تبدو وكأنها تبدو وكأنها غدت موضع إجماع في هذا الخطاب بدون تأسيس نظري مطابق لذا فرضت نفسها وفي هذه المقارنة الإشكالية التي تثير أسئلة أكثر مما تقترح أجوبة، وتشرح المقدمات أكثر مما تفرض نتائج وقد أفسح الكاتب المجال في نهاية الكتاب لأطروحات كتاب يشكلون في الفاعلية "الترياقية" للديموقراطية كدواء شاف لجميع أمراض السياسة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد