لقد فرضت القومية الصهيونية نفسها بشتى الوسائل-وعلى رأسها دعم الدول الكبرى-على الوجود اليهودي في الشتات عنوة وقسراً. واستمر الصراع بين اليهودية والصهيونية حتى بعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948. وقد أخذ هذا الصراع، في العقود الأخيرة، أشكالاً جديدة في إسرائيل، وضعت "هوية"...
لقد فرضت القومية الصهيونية نفسها بشتى الوسائل-وعلى رأسها دعم الدول الكبرى-على الوجود اليهودي في الشتات عنوة وقسراً. واستمر الصراع بين اليهودية والصهيونية حتى بعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948. وقد أخذ هذا الصراع، في العقود الأخيرة، أشكالاً جديدة في إسرائيل، وضعت "هوية" إسرائيل نفسها موضع التساؤل. وبرزت بعض الاتجاهات التي عرّت الطبيعة العدوانية للكيان الإسرائيلي الصهيوني، وكشفت عن تزييفه للحقائق. وعلا صوت أصحاب هذه الاتجاهات المعارضة والناقدة بعد فتح أرشيفات وزارة الخارجية الإسرائيلية بدءاً من نهاية السبعينات، وما كشفت عنه حركة جديدة هامة، عرفت ذيوعاً كبيراً في إسرائيل كما لقيت قبولاً واسعاً في الغرب وهي حركة "المؤرخين الجدد". انطلاقاً من هذه الحقائق جميعها، يخلص الكتاب الذي بين أيدينا إلى حقيقة واحدة وحاسمة وأساسية: وهي أن الصهيونية هي أصل الداء، وهي "الخطيئة الأولى" كما يقول كثير من اليهود اليوم في إسرائيل والعالم. ولا حل للصراع العربي-الإسرائيلي ولا نجاة لشعب إسرائيل نفسه، لا نجاح لمحاولات إقامة سلام صامدٍ ما دامت المنطلقات الصهيونية قائمة.