أقام السامانيون، إمارة في خراسان وما وراء النهر، لكنهم حافظوا على علاقات الود مع الخلافة العباسية، وإلتزموا بالولاء لها، وبالمقابل أضفت الخلافة الشرعية على حكمهم.وقد أضطلع السامانيون بدور مهم في تشجيع الحركة العلمية، صاحَبَهُ تقديرّ للعلم وإحترام للعلماء من قبل الأهلين،...

أقام السامانيون، إمارة في خراسان وما وراء النهر، لكنهم حافظوا على علاقات الود مع الخلافة العباسية، وإلتزموا بالولاء لها، وبالمقابل أضفت الخلافة الشرعية على حكمهم.
وقد أضطلع السامانيون بدور مهم في تشجيع الحركة العلمية، صاحَبَهُ تقديرّ للعلم وإحترام للعلماء من قبل الأهلين، مما ولد إزدهاراً عمرانياً، ونشاطاً علمياً كبيراً، تجلّت صوره بنمو المؤسسات العلمية، وتعدّد مراكزها، فأضحت مدنّ، مثل بخارى وسمرقند ونسف ونيسابور وهراة وبلخ ومرو، محطات علمية يقصدها الراغبون بالعلم من البلاد الإسلامية، وفي مقابل ذلك، نشطت الرحلات العلمية لأهل خراسان وما وراء النهر إلى مختلف المدن الإسلامية المهمة.

وفي تلك الفترة، شجّع السامانيون إحياء اللغة الفارسية وإستخدامها والكتابة بها، فظهرت بثوب جديد تمثّل بإستعمال الحرف العربي، وأخذ الكثير من المفردات العربية، وبالتالي، شهد عهد السامانيين ظهور أدب فارسي، وسُمي بالأدب الفارسي الحديث أو الإسلامي المكتوب باللغة الفارسية الحديثة (الذرية).

ونشأت فئة من الأدباء تكتب باللغتين العربية والفارسية، وكأن لهم أثر كبير في تنشيط حركة الترجمة والتأليف، خاصة وأن السامانيين شجعوا كتّاب العربية والفارسية على السواء، فعاشت خراسان وما وراء النهر نهضة أدبية وعلمية لعل أبرز سماتها حركة التأليف الواسعة.

تعنى هذه الدراسة بتوضيح الحياة العلمية التي شهدتها خراسان وما وراء النهر زمن الإمارة السامانية، وتدرس الحالة التي وصلت إليها الحياة الأدبية، والعلوم العربية والإسلامية، وعلوم الأوائل، مع التمهيد لذلك بإعطاء نبذة عن التاريخ السياسي للسامانيين، وتعريفاً بالجغرافيا التاريخية لخراسان وما وراء النهر.