"دين الشعب والمسيحية"، "حول دين اليونان والرومان"، "حول مصائب كنيسة فورتنبرع الناهضة"، "حياة يسوع، "وضعانية الدين المسيحي"، "حول مشاريع الدين والحب"... هذه عناوين بعض من كتابات هيغل في مرحلة الشباب الممتدة زهاء ثلاثين سنة. فهل كان الدين-كما توحي هذه العناوين-هو السمة الغالبة على...
"دين الشعب والمسيحية"، "حول دين اليونان والرومان"، "حول مصائب كنيسة فورتنبرع الناهضة"، "حياة يسوع، "وضعانية الدين المسيحي"، "حول مشاريع الدين والحب"... هذه عناوين بعض من كتابات هيغل في مرحلة الشباب الممتدة زهاء ثلاثين سنة. فهل كان الدين-كما توحي هذه العناوين-هو السمة الغالبة على تلك المرحلة من حياة هيغل ومشاغله الفكرية؟ وعل قام هيغل فعلاً بلي عنق الدين المسيحي ليدخله قسراً في متاهات الفلسفة مع أنه لا شأن له بها، كما زعم غوته ذات مرة؟ وإلى أي حد يصح كلام نيتشه في أن دم اللاهوتيين-وكان هيغل واحد منهم-قد أفسد الفلسفة، وأن القس البروتستانتي هو جد الفلسفة الألمانية، والبروتستانتية هي خطيئتها الأصلية؟...
ثمة تفسيرات عديدة ومختلفة، وأحياناً متضاربة، لمرحلة الشباب عند هيغل، وأولها بالطبع التفسير الديني-المسيحي بحكم ميول الرجل الاكليركية آنئذٍ. لكن المؤلف، وهو بذاته رجل دين، لا يقف عند هذا التفسير القاصر برأيه، فيأخذنا في جولة واسعة على معظم التفسيرات الأخرى التي جاء بها الباحثون الدارسون لتلك المرحلة، كالتفسير العقلاني، والتفسير اليوناني، والاجتماعي، والشعبي، والاقتصادي، و التربوي، وحتى التفسير اللاعقلاني، أي الألمانى الصرف غير البعيد عن الفاشية، متتبعين في ذلك خطى هيغل في تحوله وارتحاله البطيء من الدين إلى الفلسفة، من دون أن يعني ذلك تخليه كلياً عن الدين في فلسفته.