حبرٌ كثير سال حول تقريري التنمية الإنسانية العربية لعام 2002 و2003، الصادرين عن "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"، و"الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي". فلماذا كل هذا الاهتمام المحلي والإقليمي والدولي بهما؟ هل لأنهما يثبتان أن المجتمعات العربي هي دون سواها المسؤولة عن...
حبرٌ كثير سال حول تقريري التنمية الإنسانية العربية لعام 2002 و2003، الصادرين عن "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"، و"الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي". فلماذا كل هذا الاهتمام المحلي والإقليمي والدولي بهما؟ هل لأنهما يثبتان أن المجتمعات العربي هي دون سواها المسؤولة عن تفريخ الإرهاب والظاهرة "البنلادنية" أم لدعوتهما الضمنية إلى ضرورة تفجير حرب أفكار عربية داخلية لما كشفا عنه من وقائع مزرية تُقارب حد الفضيحة؟ أم تُرى لترويجهما الصريح لخيار العولمة في نسختها "المتأمركة" ووجوب الانخراط فيها من دون تردد أو وجل، بإعطاء الأولوية لما يُسمى "مجتمع المعرفة"، والقبول بمشاريع مشبوهة من قبيل نشر الديموقراطية والشرق الأوسط الكبير... إلخ؟
إن مؤلف هذا الكتاب، إذ يقرّ بوجود نواقص وعيوب عديدة ما زالت تشوب مجتمعاتنا العربية وتعيق انطلاقتها على درب التطور والتقدم المنشود، إلا أنه لا يقرّ واضعي التقريرين على المعلومات والبيانات والأسانيد التي اعتمدوها لقياس ومقارنة مستويات التنمية الإنسانية العربية وتصويرها على أنها في الحضيض أو ما دونه؛ لذلك فهو هنا يُحلّلها ويفنِّد بعضها، ويدحض البعض الآخر بتبيان ما هو عليه من تناقض وتهافت، مما ينزع عن هذين التقريرين صفة المرجع العلمي الموثوق... لا بل إنه يحملهم، بصرف النظر عن حُسن النوايا، مسؤولية استغلالها أسوأ استغلال من قبل أعداء الأمة العربية المتربصين بها في حاضرها ومستقبلها.