هذا الكتاب الذي يقدمه الباحث والمحلل السياسي الأستاذ حسن غريب، تحت عنوان "تدمير تراث العراق وتصفية علمائه"، يكشف بالأرقام ويوثق بالأدلة القاطعة في قوتها الثبوتية البعد الأيديولوجي للحرب التي شنت على العراق والتي ما تزال مستمرة.وهو في ما يقدمه بين دفتي الكتاب من تحليل...
هذا الكتاب الذي يقدمه الباحث والمحلل السياسي الأستاذ حسن غريب، تحت عنوان "تدمير تراث العراق وتصفية علمائه"، يكشف بالأرقام ويوثق بالأدلة القاطعة في قوتها الثبوتية البعد الأيديولوجي للحرب التي شنت على العراق والتي ما تزال مستمرة. وهو في ما يقدمه بين دفتي الكتاب من تحليل موضوعي ورؤية استشرافية، ووثائق، لا يضيف إلى المكتبة العربية والمؤسسات ذات الصلة بالإرث الثقافي المتشكل عبر التاريخ للشعوب، كتاباً موثقاً بالأرقام والمعلومات وحسب، بل يكشف بأن هذا الذي تعرض له العراق من السرقة لآثاره، وتدمير صروحه العلمية وتصفية لعلمائه، ليست جريمة عادية تخضع للمساءلة الجزائية العادية، بل هي فضلاً عن ذلك جريمة بحق الإنسانية كونها تشكل انتهاكاً صريحاً لكل المواثيق الدولية وخاصة اتفاقية لاهاي 1954 في ملحقيها الأول والثاني التي تؤكد على وجوب حماية الممتلكات الثقافية في حالة وقوع نزاع مسلح.
هذا الكتاب الذي يكشف أبعاد الجريمة المنظمة التي نفذها، ويستمر بها الحلف غير المقدس بإضلاعه الثلاثة الأميركي والصهيوني والإيراني، ضد تراث العراق الثقافي ومن ضمن تراثه الأثري، إن من خلال النهب والسرقة للكنوز الأثرية، وإن من خلال تدمير الصروح العلمية، وإن من خلال تصفية واغتيال الخبراء والعلماء والكفاءات العراقية مدنية كانت أم عسكرية، إنما تهدف إلى إعادة العراق إلى مجتمع ما قبل الدولة المدنية على الصعيد السياسي، وغلى مرحلة ما قبل دخول عملية التحديث في كل مجالات الحياة الأخرى.
إن أهمية هذا الكتاب التوثيقية، أنه يضع الحرب على العراق في إطار الصراع الشمولي استناداً إلى خلفية أيديولوجية، رمى أصحابها إلى إسقاط وطمس معالم إرث تاريخي لشعب كانت أرضه مهد الحضارات الإنسانية الأولى.