-
/ عربي / USD
هذا الكتاب وضعه مفكّر ومؤرّخ عربي تونسي، أتجه في مساره اتجاهين: الأول، اتجاه فكري وفلسفي يُعالج فيه القضايا الكبرى المطروحة على الوجدان العربي في السياسة والمجتمع والدين، كما في كتابيه: الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي، وأزمة الثقافة الإسلامية؛ والثاني، اتجاه نحى فيه منحى المؤرّخ الصارم للإسلام الأول، كما في كتابيه: الكوفة: نشأة المدينة الإسلامية، وتأسيس الغرب الإسلامي.
الموضوع كبير: الفتنة، هكذا بلا نعت ولا صفة، خلافاً لما فعل طه حسين حين أسماها "الفتنة الكبرى"... تلك الأحداث التي أدخلت أمة محمد اليافعة في دوامة من الأزمات والحروب الضارية والإنشقاقات الدينية – السياسية.
وإذا كانت هذه الفتنة ما زالت حاضرة في الوعي الإسلامي كمرجعية، كعلامة من كبرى علامات التاريخية الإسلامية، إلا أنها غير معروفة حقاً في بواعثها وآلياتها وتطوّراتها، كونها وقعت في حقبة الخلافة الراشدة من الإسلام المبكّر، في حين لا تُقدم لنا المصادر المعنيّة سوى مادة خام فحسب، وحتى هذه المادة وُضعت متأخرة بأكثر من قرن عن زمن الأحداث الفعلي.
هنا يقف المؤرّخ ليدرس الحقائق والوقائع في العمق، فيستنطق ويستقرئ، يغربل ويضفّي، لكن من غير أن يتبعد عن دقائق الأمور وجوهرها، إنه يحاول هنا التفهّم والربط وسبر المنطق الذي حكم تلك الفترة المتشّنجة، ولذلك نجده يبتعد عن التأويل المجحف بقدر ما يبتعد عن السرد الرتيب.
باختصار، إنه كتاب زاخر بالتحليلات والتأويلات والخلاصات الجريئة؛ وهو يثري المكتبة العربية التاريخية التي ما زالت ضامرة نوعاً ما، ويندرج في مسار المؤلِّف الطويل بحثاً عن تشكّل الهوية وتبرعم الثقافة وتفتق الوجدان.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد