من المعلوم أ، كفار اليوم امتداد لكفار الأمس، بالأمس كانوا يشركون بالله أصناماً، اليوم يشركون به العلوم التي هي من أفعاله وصفاته، إنهم ببساطة يجعلون لهذه العلوم من الجلال ما كان ينبغي له وحده سبحانه وتعالى بعد أن كانت دروساً نافعة ترى من خلالها قدرة الله وعظمته، فتقوي...

من المعلوم أ، كفار اليوم امتداد لكفار الأمس، بالأمس كانوا يشركون بالله أصناماً، اليوم يشركون به العلوم التي هي من أفعاله وصفاته، إنهم ببساطة يجعلون لهذه العلوم من الجلال ما كان ينبغي له وحده سبحانه وتعالى بعد أن كانت دروساً نافعة ترى من خلالها قدرة الله وعظمته، فتقوي اليقين وتزيد الإيمان.
وهكذا فإن المسلمين اليوم بحاجة إلى أن ينهض طائفة من علمائهم ممن يستطيعون مخاطبة أهل هذا العصر بلغتهم، وأعني بها لغة العلم التي يؤمن بها سواد الناس، كما يستطيعون إنجاز التعليقات الحديثة على الجوانب العلمية في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف حتى يرى الناس أنهما بحق رسالات الله إلى أهل الأرض ولإنقاذ الشباب المسلم الذي أصبح سجيناً للإنتاج العلمي. وهذا الكتاب مساهمة هامة في البحث عن معرفة الله من خلال الدلائل الكونية ومن خلال القراءة في كتاب الكون المفتوح لمعرفة آيات الله وقدرته وفضله على بني البشر، حيث إن الله هو الخالق المصور، وهو الحافظ لهذا الإنسان من كل مكروه قد يصيبه من مخلوقات الله الأخرى، فجعل له غلافاً جوياً يقيه من الأشعة الكونية والشهب والنيازك، وخلق له فراغاً كونياً بمكونات ضرورية لاستمرار الحياة لحظة فلحظة...

إن العقل حين ينظر إلى هذا النظام العجيب والتنظيم الدقيق الغريب لا يلبث إلا أن يخر ساجداً شاكراً لخالق هذا الكون، فالهدف من ذكر النظريات الكونية هو استجلاء قدرة الله في هذا الكون الواسع المتسع.

لقد أثبتت البحوث العلمية (دون قصد) أن لهذا الكون بداية كما أثبتت قوانين الديناميكا الحرارية، وبنية الذرة الواحدة في كافة عناصر الكون، وجود الخالق ووحدانيته.

لقد أجاد المؤلف الفاضل في طرح هذه القضايا كعنصر هام وجديد للإشارة إلى دلائل الحقائق القرآنية والكونية. وقد نقل هذا الكلام المعبر لأحد العلماء المنصفين -توماس دافيد باركسن- حين قال: "إنني أرى في كل ظاهرة من الظواهر الكونية أكثر من مجرد الخلق والتدبير المجرد العاطفة. إنني ألمس فوق ذلك كله محبة الخالق لخلقه واهتمامه بأمورهم".