-
/ عربي / USD
ماذا يمكن أن نقول أمام العدم. نكرر العدم بالعدم، أمام العجز والشقاء والبؤس والوحدة والفراغ، أي أمام التفاهة اللامعة في الشرط الإنساني أي إزاء البلية الكونية. و"شر البلية ما يضحك"، وهنا جوهر الفكاهة البيكيتية في هذه المسرحية، أكثر مدعاة للضحك هو الشقاء، إنه مادة "غزيرة" لا تنقذ.. من هنا يأخذ "التهريج" ككل، ومنه الكلام، سواده، ولا معقوليته، ولا عدميته. لا يقول شيئاً؟ نهم، ربما. ولكن ما يقوله كله ظريف، حي، ومدمر أيضاً، فالضحكة هنا جزء من العدم، والفكاهة السوداء (أو البيضاء) جزء من هذا العدم، أي من هذا الخراب المهمم، أي جزء من هذه المفارقات التي تبدو ظاهرياً، ربما وكأنها من المفارقات اليومية والقريبة، والتفاصيل، إلا أنها كذلك جزء من المفارقات الكونية التي تسم الوضع الإنساني ككل.
تضحك أو تبتسم، كأنها الضحكة التي تصلك بالهاوية، بالسكون الأبدي الذي تتوهم أنك تتحرك إليه أو يتحرك إليم ولا خلاص حتى الانتحار مستحيل، حتى المغادرة مستحيلة، حتى الحركة مستحيلة، حتى التفكير (أحياناً) مستحيل، ما دمنا عاجزين عن التحكم بأبسط الأمور، وبأعظمها. من هذه التفاصيل واليوميات والمظاهر والملابس، والكلام والحوار والحركات القائمة على المفارقات، يؤسس بيكيت الضحكة العدمية، تلك التي تفتح فجوة على العدم، وعلى الفراغ، وعلى الموت الداخلي.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد