-
/ عربي / USD
إن الحضارة الإنسانية التي بناها البشر عبر تاريخهم الطويل منذ اخترع الإنسان الأول سلاحه الذي هو عبارة عن عصا على رأسها حجر للدفاع عن نفسه، ومنذ اشعلت الصدفة أول شرارة من جرّاء إحتكاك حجرين، مروراً بإختراع لغة التخاطب ورموزها، إلى تكوين الأسرة وتأليف التجمعات البشرية، وتطوير كل ذلك، وإمتداداً إلى عصرنا هذا وما نحن عليه من تقدم في المجالات الحضارية، من نظم إجتماعية وسياسية وعمرانية وعلمية، هذه الحضارة ولا ريب مرت بمحطات تاريخية كثيرة قبل أن تصل إلينا وعرفت أعلاماً بارزين كان لهم الفضل الكبير في ترجمة وإستنتاج المعطيات وصهرها في آتون المعرفة، وسبكها نظريات وأسساً تكون ميراثاً من السّلَف للخَلَفْ.
فالمعرفة ليست وحياً وليست حيزاً مكانياً يمكن لمن يدخل في إطاره أن يغترف من محتواه، المعرفة هي العلم المطلق، بدأ ببدء الإنسان، وينتهي بنهايته، وبين هذه وتلك تظل حاجة الإنسان إلى الحياة سبباً كافياً لدفعه للبحث عن المعرفة سعياً للتطور في جميع مجالاته ورغبة في بلوغ الكملا بكل أبعاده.
من هنا، كان نقل المعرفة من جيل إلى جيل أمراً ضرورياً وطبيعياً يتصل عبر تداخل الأجيال بالوراثة، وقد بدأ هذا النقل عفوياً عن طريق الممارسة والتلقين المباشر، ثم على مر العصور امتزجت العفوية بالقصد، وصار النقل إضافة إلى ما كان يعترضه من عقبات طبيعية وجغرافية أسير الأهواء والمعتقدات والمشارب على إختلافها، من إجتماعية وسياسية وعسكرية وإقتصادية ودينية وفكرية، وما إلى ذلك من أصول الحياة البشرية وفروعها.
وقد غصت خزائن الكتب التي وصلتنا أو التي قرأنا عنها بالكثير من تواريخ الماضين، سواء كتب السير أو دواوين الأشعار أو غير ذلك من المؤلفات والآثار، التي ظلت قاصرة عن نقل التاريخ بدقة وموضوعية، أضف إلى أن نقل التاريخ كان كضيف شرف، في الوقت الذي يجب أن يكون فيه أباً روحياً لغيره من العلوم.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد