هذا الكتاب كما يشف عنوانه (المرشد في علم النفس الاجتماعي) هو دليل ارشادي لموضوعات واسعة تتطلب مزيداً من التقصي (تطبيقاً) و(تنظيراً) وهو حين (يرشد) لا يسير مع الدارس الجامعي خطوة خطوة لأن طريق البحث العلمي طويل.. ولكن المرشد يكفيه أن يكون في البداية وفي المراحل الكبرى وعند...
هذا الكتاب كما يشف عنوانه (المرشد في علم النفس الاجتماعي) هو دليل ارشادي لموضوعات واسعة تتطلب مزيداً من التقصي (تطبيقاً) و(تنظيراً) وهو حين (يرشد) لا يسير مع الدارس الجامعي خطوة خطوة لأن طريق البحث العلمي طويل.. ولكن المرشد يكفيه أن يكون في البداية وفي المراحل الكبرى وعند المنعطفات. وذلك هو (الإطار العام) لهذا الكتاب في علم النفس الاجتماعي. وتحت وطأة اعتدال (حجم الكتاب) مع تعدد الموضوعات فقد آثر المؤلف عدم التعرض لدراسة مناهج البحث النفسي الاجتماعي. لأن بعض مناهجه يندرج فيما درسه الطالب سابقاً في (علم النفس العام ومبادئه) مثل المنهج العلمي والملاحظة والاستقراء. والمنهج التأملي الذاتي والمنهج التجريبي أو التتبعي باتجاهاته وما يتصل بذلك من مقابلة وسيرة حياة وتأريخ حالة وقياس. وأما بقية مناهج هذا العلم فإنه يستفيدها من مناهج البحث الاجتماعي –التأريخية والوصفية والمسحية وما فيها من استبار واستفتاء.
أما خطة تنظيم المواضيع فإن الكتاب يقدمها في أربعة عشر فصلاً كما يلي: أولها: تمهيدي لتحديد مفهوم العلم ومجاله إلى جانب نظرة إلى تطور التفكير النفسي الاجتماعي خلال آلاف السنين وفي المراحل اليونانية ثم الإسلامية العربية. وأخيراً في المرحلة الغربية الحديثة.
الثاني: وكان للدوافع النفسية الاجتماعية. وهو مدخل رئيسي إلى صميم هذا العلم من منطلق الفرد الإنساني في بواعث سلوكه الاجتماعي مع الآخرين.
والثالث: هو محور الدراسات النفسية الاجتماعية أنه التفاعل بين الفرد ذي الشخثية المميزة مع بقية الأفراد وهم مجتمعون وجهاً لوجه –وهكذا ندرس الانفراد والاجتماع وأثرهما في مختلف أنماط السلوك الفردي للإنسان.
والرابع: أداة رياضية لتقديم المعلومات النفسية الاجتماعية بشكل إحصائي رقمي يجسد الأفكار ويقربها عن طريق القياس لبعض مظاهر التفاعل والتكامل بين الأفراد.
ثم يكون الخامس: في قمة التفاعل النفسي في تماسك أفراد الجماعة وصلابتهم حيث تمثل الجماعة فريقاً أشبه بفريق الملعب كل له عطاؤه وله مقابل ذلك استحقاقه فالتفاعل النفسي في حقيقته عملية أخذ وعطاء بين الأفراد وهم أعضاء جماعة محددة –وبذلك تتم الفصول الأولية الخمسة في هيكل العلم. ولكن الفصول لم تنته.
ثم يكون السادس: في دراسة مركزة لأحد مصادر التأثير القوي في التفاعل النفسي الاجتماعي بين الأفراد –أنه عمليتا القيادة والتبعية. وما يتصل بذلك من تحليل نفسي لسمات الشخصية القيادية. وإعداد لبرامج التدريب القيادي.
إنه السابع: يقدم بعض عوامل التفاعل في وحدته وانسجامه وذلك عن طريق وحدة المعايير النفسية السائدة والقيم الاجتماعية المشتركة بين الأفراد في كل مجتمع.
الثامن: يمثل تشريحاً لبنية الجماعة وما تقوم عليه من مراكز حيوية يحتلها جميع الأعضاء كل فيما يناسبه من المراكز المختلفة ولكل مركز أدواره الوظيفية المناسبة.
ثم يأتي التاسع: عن الشائعة باعتبارها أحد الأسلحة النفسية لضمان حياة الجماعة. ولكن الشائعة سلاح ذو حدين: لك أو عليك حسب نوعية الدوافع والوسائل والأهداف.
وأما العاشر: فإنه الرأي العام آراء طائفة من أفراد الجماعة فهو يمثل (الاجماع) و(الأعراف) و(المصالح المرسلة) باعتبارهاذات أثر بعيد في سلامة الجماعة وتنظيمها في المجتمع الإسلامي العربي إذ هي من مصادر التشريع بعد كتاب الله تعالى والسنة النبوية الصحيحة والقياس عليهما.
فالحادي عشر: وهو الروح المعنوية التي تمثل روح الجماعة السارية في نفوس أفرادها. بحيث إذا توفرت وكانت عالية فإن الأفراد يضحون بنفوسهم شهداء راضين في سبيل بقاء روح الجماعة وكرامتها وشعارها.
والثاني عشر: يقدم نوعاً من الحروب الإنسانية دون سلاح أنها قديمة قدم ذكاء الإنسان واتساع حيلته فالحرب خدعة. ثم أنها حديثة بمقدار التقدم التكنولوجي في وسائل الاتصال والإعلام مع المحاربين والمواطنين والحياديين والأعداء والحلفاء. إنها الحروب النفسية وما أشد حاجتنا إليها كافراد في مجتمعنا العربي الإسلامي المعاصر في فهم ما يتصل بها من دوافع ووسائل وأهداف ومراكز وقوى من وراء حجاب.
ثم يأتي (مسك الختام) وهو الثالث عشر: أنه قراءات متأنية لمواقف نفسية اجتماعية حاسمة في الحياة النبوية الكريمة لبعض أساليب حفظ الجماعة وحمايتها وتقوية روحها المعنوية المجاهدة –ولا سيما في مواجهة الحروب النفسية والساخنة المهتجمة حفاظاً على ثبات الأفراد وصلابة الجماعة. ولا عجب فالرسول العربي الكريم يمثل قمة القيادة الواعية المسؤولة في جماعتنا الأولية الناشئة في رحاب المدينة المنورة مركز المجتمع الإسلامي العربي الأول.
وبعد ختام المسك لا بد من من تذييل هام للكتاب. إنه دراسة تطبيقية وعملية لبعض المشكلات في حياتنا النفسية الاجتماعية والتي يعانيها نفر محدود –وهي ذات جذور نفسية. ولا بد لها من رعاية اجتماعية تربوية في سبيل الوقاية منها أصلاً. ثم في مواجهة علاجية لها. إنه الفصل الرابع عشر في المشكلات النفسية الاجتماعية.