في يدك القلم تكتب به، في فمك لقمة من الطعام، أمامك جريدة أو كتاب تقرأه، على جسمك ثوب، في رجلك حذاء... تقوم السيارة، تركب الطائرة.. الخ من متطلباتك واحتياجاتك التي لا غنى لك عنها في حياتك اليومية العادية البسيطة. هل فكرت في أي شيء منها قبل استخدامه؟ هل خطر ببالك كيف وصلت إليك،...
في يدك القلم تكتب به، في فمك لقمة من الطعام، أمامك جريدة أو كتاب تقرأه، على جسمك ثوب، في رجلك حذاء... تقوم السيارة، تركب الطائرة.. الخ من متطلباتك واحتياجاتك التي لا غنى لك عنها في حياتك اليومية العادية البسيطة. هل فكرت في أي شيء منها قبل استخدامه؟ هل خطر ببالك كيف وصلت إليك، وما هي العمليات التي مرت بها، وكم عدد الأشخاص الذين خدموك وهيئوها لك بالطريقة التي تريدها وتحبها؟ إشباع الرغبة لم يترك لك لحظة للتفكير.
الذي يهم في هذا البحث هو البشر... الأشخاص... الأفراد... العاملون، مع الافتراض أن العناصر الأخرى الضرورية للإنتاج متوفرة. هؤلاء البشر الذين بذلوا الجهد وتمسكوا بالعناية والدقة لييسروا حصولك على المنتوجات والحاجيات والخدمات التي تريدها. هؤلاء هم الذين يركز هذا البحث دراسته عنهم.
قبل سنين عديدة عمل هؤلاء الأشخاص في دائرة الإنتاج وحلقاته كأي قطعة من مكائن الإنتاج، وكترس في مكينة الإنتاج لا غنى عنها لتحقيق الإنتاج فقط. كان المهم هو توفير هؤلاء الأشخاص بأي طريقة وبأي ثمن زهيد لكي لا يتوقف الإنتاج وبالتالي لا تفشل المنظمات في تحقيق أهدافها وآمالها وطموحاتها.
أما اليوم فقد اختلف الوضع، فالعنصر البشري يلعب دوراً هاماً وأساسياً على جميع المستويات. وفي جميع أنواع المنظمات والمنشآت بدءاً من الأشغال البسيطة اليدوية، وانتهاءاً بالأعمال التنفيذية الإدارية العليا. فالبشر هم الذين يخلقون الحركة في المنظمات وهم الذين يبعثون فيها النشاط والحيوية والحياة. وعلى ضوء علاقة هذا العنصر بعضه ببعض في المنظمات تتحدد الإنتاجية ومسار الإيرادات والأرباح ونجاح المنظمة في تحقيق أهدافها المختلفة. هؤلاء الأشخاص هم الضرورة اللازمة لتحريك نشاطنا التجاري والصناعي والإنتاجي.
إن الاحتياج بين البشر (الأشخاص) والمنظمة احتياج متبادل. فكل منهما لا يستغني عن الآخر لتحقيق احتياجاته وأهدافه وطموحاته. إنتاجنا وتوفير ما نحتاج إليه يعتمد على التوفيق التام بين أعضاء هذا العنصر وقوة علاقة بعضه ببعض. فمتى اختل هذا الرباط وتفككت أواصره فلا شك إننا سنواجه مشاكل اقتصادية واجتماعية كبيرة.
النجاح في تحقيق توافق بين أعضاء هذا العنصر هو دليل نجاحنا كمديرين خاصة إذا توفرت بقية العناصر الإنتاجية والتسويقية.
والمؤلف في هذه الدراسة "سيكولوجية الإدارة" أي دراسة السلوك والإدارة يود الكشف على العناصر المختلفة التي تقوي هذا الترابط وتنمي هذا الالتحام، ولقد قسم البحث إلى أبواب وفصول. درس في كل فصل عنصراً من عناصر التأثير حسب ما ارتأى أنه مؤثر على فعاليات الإنتاجية. تختلف درجة هذه المؤثرات على السلوك. ولكن من دون شك أن لكل مؤثر أهميته في المحصلة الإنتاجية.