الفرزدق هو همام بن غالب بن صعصعة من دارم، فمن تميم، كنيته أبو فراس، ولقبه الفرزدق، لقب به لغلاظة وجهه. ولد في البصرة ونشأ في باديتها، نشب بدويا ككل بدوي: طباع جافية، وشكيمة قوية، وكان له في أمجاد قومه ومفاخرهم ما ملأ نفسه عجبا وتيها، وفسح لهه مجال الفخر. كان الفرزدق متعصبا لآل...
الفرزدق هو همام بن غالب بن صعصعة من دارم، فمن تميم، كنيته أبو فراس، ولقبه الفرزدق، لقب به لغلاظة وجهه. ولد في البصرة ونشأ في باديتها، نشب بدويا ككل بدوي: طباع جافية، وشكيمة قوية، وكان له في أمجاد قومه ومفاخرهم ما ملأ نفسه عجبا وتيها، وفسح لهه مجال الفخر. كان الفرزدق متعصبا لآل البيت شديد التشيع لهم، مجاهراً بحبه إياهم، فإذا مدحهم لا نرى في مدحه لهم تكلفاً، ولا جنوحاً إلى التكسب، بخلاف مدحه للأمويين؛ وخير دليل على حبه لآل البيت قصيدته المعيّة التي مدح فيها زين العابدين علي بن الحسين بن أبي طالب، فإن ما فيها من عاطفة صادقة واندفاع شعوري يؤيد ما قيل عن تشيعه لهم. والفرزدق هو ثالث الثلاثة الشعراء المقدمين في صور الإسلام، وهم الأخطل، الفرزدق وجرير، وكانت لكل منهم في شعره ميزة يمتاز بها على صاحبيه.
وكانت ميزة الفرزدق الفخر، وكان الفخر أساسا يبني عليه هجاءه. وفي هجائه لونان: لون يقم شعر سائر الشعراء الهجائيين. وهو قائم على فحش الألفاظ والمعاني وهتك الأعراض؛ ولون اختص به شعره وهو قائم على تغلب روح الفخر فيه على روح الهجاء؛ ومواد الفخر كانت متوافرة عنده، هذا بعض ما اتصف به شعر الفرزدق من سمات شعرية جعلت البعض يقول:"لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب".
وفي هذا الكتاب الذي بين يدينا يحتوي على ديوان الفرزدق الكامل مرتب على أبواب حروف الهجاء، ومعنونة قصائده ومقطوعاته بعناوين منتخبة، ومشروحة ألفاظه الغامضة شرحاً يتناول المفردات ومعاني الأبيات، مع الحرص على ضبط الألفاظ، وتعيين البحور الشعرية.