إيليا أبو ماضي شاعر رومانسي حالم، أحب الطبيعة فغناها أجمل شعره، ورأى في هدوئها وروعتها ما تقر به نفسه. أعجبته في بساطتها وجمالها وبعدها عن أدران الحياة وأكدارها، فكان ينشد الراحة بين أفيائها والهدوء بين مناظرها، فألهمته صوراً رائعة، وأخيلة مجنحة، ومعاني تسمو بالإنسان إلى...
إيليا أبو ماضي شاعر رومانسي حالم، أحب الطبيعة فغناها أجمل شعره، ورأى في هدوئها وروعتها ما تقر به نفسه. أعجبته في بساطتها وجمالها وبعدها عن أدران الحياة وأكدارها، فكان ينشد الراحة بين أفيائها والهدوء بين مناظرها، فألهمته صوراً رائعة، وأخيلة مجنحة، ومعاني تسمو بالإنسان إلى مراتب السمو والجلال.
وكان لبنان في نظر أبي ماضي خريدة نفيسة من خرائد الزمان، ودرة غالية من درر الكون، فلا شمس تشبه شمسه، ولا ماء أعذب من مائه، ولا جبال أكثر شموخاً من جباله، ولا سهول أمرع من سهوله. وفوق ذلك كله، فلبنان أبي ماضي كان انفتاحاً على الحضارة، وتفاعلاً إنسانياً، ووحدة مشتركة تصهر جميع أبنائه في بوتقة واحدة لا زيف فيها ولا خلاف ولا ضغينة.
وأحب شاعرنا الحياة وتفاءل بها فإذا هو نهر ينساب في الغدران، وروض رياض يفوح عطراً وعبيراً، ونجم ساطع يمزق جلباب الظلام، وفجر يشع على الكون حباً وبشاشة ونوراً.
ولم يدع أبو ماضي فرصة إلا ودافع بشعره عن مظلوم، أو انتصر لصاحب حق، أو زال كرب مكروب، أو شد أزر ضعيف.
وإذا كان شعراء المهجر قد ترددوا بين أفكار هندوسية، وصوفية وحلولية وما ورائية، فإن أبا ماضي قد وجد الواقعية ملاذاً يلجأ إليه كلما عصفت به هواجس النفس، ووجد في مقولته الشهيرة "لا أدري" خلاصاً من جحيم العجز والحيرة والغموض.