الجاحظ ألف كتباً نسبها إلى سواه، وألف سواه كتباً نسبها إليه، فكيف يجيء الحكم؟ لا شك أنه يعتمد على الذائقة، والمعرفة بالأساليب، والتفريق بينها، وهذا ما كشفناه ورسمناه في هذا الكتاب!الجاحظ نظر في سيكولوجية الأشخاص، والحيوانات، والأمكنة، والأمم، فهل جاء هذا اكتشافاً جديداً...
الجاحظ ألف كتباً نسبها إلى سواه، وألف سواه كتباً نسبها إليه، فكيف يجيء الحكم؟ لا شك أنه يعتمد على الذائقة، والمعرفة بالأساليب، والتفريق بينها، وهذا ما كشفناه ورسمناه في هذا الكتاب!
الجاحظ نظر في سيكولوجية الأشخاص، والحيوانات، والأمكنة، والأمم، فهل جاء هذا اكتشافاً جديداً بالنسبة إليه وإلى عصره؟
وهو النفساني الغائص، الكاشف، التفت إلى الهوامش، والجزئيات، وبنى عليها أحكاماً كلية، فهو بذلك يخطئ نظرة "أرنست رينان" القائلة بظلم وجهل "إن العقل العربي يتعلق بالجزئيات، وأنه لم يصل ليرسم الدهشة" فضحك والله هذا الرأي الخرف، أليس في التراث العربي منذ قرون قبل الإسلام وبعد ذلك ما يدهش؟ وما معنى انهمار الغرب وشعب رينان بالذات على التراث العربي؟ وهذه الكراسي الجامعية التي خصصت لدراسة الفكر العربي لدى الغرب كله، أليس هذا صدى الإعجاب والدهشة وحب الاستفادة؟ الربط بين الجاحظ وعصره، كالربط ما بين أبي حيان التوحيدي وعصره، فالعصر، والشخص، والجنس (Roce) والماضي والمستقبل كلها كائن حي واحد، ترابط من كل تلك العناصر، وجاء ليقدم وجهاً جديداً للإنسان، فيقابل سائر الوجوه؟
المدخل إلى الجاحظ مغرٍ، يدفع الشوق إلى خباياه، ومجالات فنه، بتفويت الصبر، وتقديم اللقاء.
ولي في هذا الكتاب، لم حوله أصداء، وبدا الصوت ذا موقف وجدة.