فولتير فيلسوف، وهو في الوقت نفسه شاعر وقصاص ومؤرخ. لقد عرف كيف يعالج كل فنون عصره. فهو بالإضافة إلى الرسائل العديدة التي كتبها إلى أصدقائه، كتب القصائد الشعرية، ووضع المسرحيات، وألف القصص وكتب التاريخ. كما ألف عدداً من الأعمال النقدية.إن ميزة فولتير الأولى والأساسية هي...
فولتير فيلسوف، وهو في الوقت نفسه شاعر وقصاص ومؤرخ. لقد عرف كيف يعالج كل فنون عصره. فهو بالإضافة إلى الرسائل العديدة التي كتبها إلى أصدقائه، كتب القصائد الشعرية، ووضع المسرحيات، وألف القصص وكتب التاريخ. كما ألف عدداً من الأعمال النقدية.
إن ميزة فولتير الأولى والأساسية هي الذكاء. فهو يتناول جميع المواضيع التي عالجها عصره وقدم زبدة أفكاره في مجالات مختلفة مثل الخير والشر، والاقتصاد والسياسة، والفن والأدب.
لكن فولتير كان في كل نشاطه الأدبي يهدف أولاً إلى نشر أفكاره الفلسفية. لقد قاوم ضد كل الأنظمة الفكرية الفاشلة، وعارض كل موقف لا يبنى على العقل. وبحث في الحقيقة والحكمة ولم يكف عن القول أن السعادة هي الهدف الأول لكل كائن بشري.
شغل فولتير مكانة واسعى في حياة عصره الفكرية. واستطاع أن يوجه انتباه معاصريه نحو مشاكل القرن الثامن عشر السياسية والدينية، وذلك بأن فتح أعينهم على واقعهم التاريخي والاقتصادي. ولقد أعجب به معاصروه لدرجة أنه ترك فيهم أثراً كبيراً. فبواسطة كتبه ومن خلال خياته، استطاع فولتير أن يجسد عصره فساهم بذلك في اندلاع الثورة الفرنسية.
لقد كتب فولتير قصته هذه وهو في الثالثة والخمسين من عمره، في عام 1747. وكان في أوج نجاحه: فقد انتخب عضواً في الأكاديمية الفرنسية وعين "مؤرخ فرنسا الرسمي". لكن طبعه المتمرد أثار السخط في أوساط الملك فاضطر إلى مغادرة باريس. وهكذا، أصدر فولتير قصته هذه وهو خارج العاصمة الفرنسية، في ما يشبه المنفى الطوعي.
ويعكس البطل نوعاً ما حياة فولتير: حياة سهلة ومليئة بالمغامرات والأحداث غير المرتقبة. فالمؤلف عندما يقدم شخصية تؤمن بأن الخير لا بد وأن ينتصر على الشر في يوم من الأيام، إنما يقول بأن هذا الإيمان لا يوجد إلا في حالة التمني والأمل.
إن عنوان: "القدر"، يبين إلى أي مدى يهتم المؤلف بمسألة طالما تحدث عنها في أعماله الأدبية والفلسفية، وتتلخص بالسؤال التالي: هل يوجد مصير الإنسان في يدي العناية الإلهية أو الإرادة السماوية؟ يبين كسافيه داركوس في مقدمته النقدية للقصة إلى أي درجة ينتمي موضوع هذه القصة إلى ميدان الأفكار العصرية. فهو يقول: "تجاه ضياع البشرية، هناك دائماً لحظة تريد فيها حساسيتنا أن تكون أكثر إنسانية ويحاول فيها ذكاؤنا أن يفهم الجواب على أسئلة تبدأ بـ"لماذا" و"كيف". وإذا لم نعي ما الذي يحرك العالم، فإن كل واحد منا يحاول على الأقل، كما يفعل صادق، أن يسير برؤيته الخاصة به للسعادة. في حقيقة الأمر، تقدم قصته هذه منهجاً للحياة لمن يرفض أن يفقد الأمل".
إن اسم بطل هذه القصة، وهو "صادق" يدل إلى أي مدى تمثل هذه الشخصية المؤلف نفسه. فهذا الأخير يستخلص من مخالطته للبلاط الملكي دروساً حول الحياة البشرية عامة، وحياة الملوك وحاشيتهم خاصة. فهو يهجو في قصته الملوك المترددين، ويبين جشع ندماء الملك واحتيالهم، ويهزأ من جهل رجال الدين وتعصبهم. هذا بالإضافة إلى كونه يظهر فيها كفيلسوف يفكر في مصير الإنسان الفرد ومصير البشرية.
إن فن فولتير يظهر في قصته هذه في كل أشكاله، فهو يجمع فيها إلى التفكير الفلسفي فن السخرية والتهكم.