-
/ عربي / USD
البخلاء كتاب يصور أحوال فئة من الناس اتخذت لنفسها منهجاً معيناً في التفكير والتصرف والسلوك، وباتت مقتنعة به اقتناعاً كاملاً، فبدّدت في ظله كل الأشياء الأخرى، فإذا البخل هو واقعهم ومفهومهم وحياتهم التي يسيرون عليها، محاولين إسدال ستار من العلم عليه، علهم في ذلك يقنعون الناس إياهاً بأنهم أصحاب فكر ومنطق، ورجال تدبير وذوو اقتصاد وتوفير، كان الجاحظ في كتاب "البخلاء" عالماً شأنه في جمع مؤلفاته. كان عالماً طبيعياً في كتاب "الحيوان"، وعالماً نقدياً في "البيان والتبيين" وها هو عالم اجتماعي وناقد في كتاب "البخلاء، يدرس أحوال النسا من خلال سلوكهم ومعاشهم،، يحلل أوضاع طبقة من المجتمع العباسي تأثرت بعوامل طارئة جديدة.
استهل كتابه برد على صديق طلب إليه أن يحدثه عن البخل ونوادره، وقد صوره بمقدمة طويلة، حاول فيها أن يثير اهتمام القراء، وأن يشعرهم بشيء من الرغبة والتشويق. ومن المقدمة انتقل إلى إثبات رسالة سهل بن هارون التي بعثت بها إلى بعض أقربائه، الذين اتهموا بالبخل.
وعمد الجاحظ أيضاً إلى ذكر نوادر البخلاء وسرد قصصهم، بادئاً بأهل مرو، وأهل خراسان، متوقفاً عند أهل البصرة من المسجديين ممن يسميهم "أصحاب الجمع والمنع"، منتقلاً إلى الأشحاء من أصحابه ومعاصريه كزبيدة بن حميد، وأحمد بن خلف اليزيدي، وخالد بن يزيد، وأبي محمد الخزامي، والحارثي، والكندي، وابن أبي بردة، وإسماعيل بن غزوان، وموسى بن عمران، والأصمعي، والمدائني، وطرائف شتى استطاع من خلالها أن يعطينا عينات صادقة عن كل حيلة، وكل نادرة بأسلوب قصصي طريف، وبراعة فنية رائعة. وبعد ذكر نوادره يجد الجاحظ أن البخل عندهم اقتصاد فنين ولهم في ذلك آراء قلما تخطر ببال إنسان.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد