أبو المحاسن محمد بن علي العبدري الشيبي (ت:837هـ/1433م) بادئ ذي بدء، لا بد من الوقوف على نسب صاحب هذا الأثر الأدبي النفيس: "تمثال الأمثال": ذلك النسب الذي يصل إلى بني شيبة العبدريين (نسبة إلى بني عبد الدار بن قصي)، الذين كان لهم تاريخ طويل جداً في حجابة الكعبة، يرجع إلى ما قبل...
أبو المحاسن محمد بن علي العبدري الشيبي (ت:837هـ/1433م) بادئ ذي بدء، لا بد من الوقوف على نسب صاحب هذا الأثر الأدبي النفيس: "تمثال الأمثال": ذلك النسب الذي يصل إلى بني شيبة العبدريين (نسبة إلى بني عبد الدار بن قصي)، الذين كان لهم تاريخ طويل جداً في حجابة الكعبة، يرجع إلى ما قبل الإسلام.
إنه محمد جمال الدين بن علي نور الدين بن ناصر العبدري الشبي. ولد في رمضان من عام 779هـ/يناير (كانون الثاني) 1378م. وبدت منذ عهده الأول بوادر الاهتمام بالأدب والسير والأخبار، إلى جانب الفقه والحديث.
وكان والده علي يجمع في اتجاهه العلمي بين الفقه والأدب، ألا أن الأدب كان أغلب عليه. وكان إلى ذلك يتولى مشيخة مكة، مما زاد في فرص نبوغ ابنه محمد، وجعل موهبته تتفتح باكراً، فيدرج على درب الأدب والعلم، بكل ثقة وثبات وعزيمة.
رحل أبو المحاسن الشيبي في طلب العلم، فزار بغداد وشيراز واليمن. وحطت رحاله في مصر. وقد ساعدته رحلاته العلمية هذه في معرفة العلماء والوقوف على الأحداث خارج الحجاز.
ومن شيوخ أبي المحاسن الذين تأثر بهم أو نهل العلم على أيديهم –علي بن أحمد بن عبد العزيز، أبو الحسن نور الدين النويري. الذي درس عليه كتاب "الاكتفا" للكلاعي، إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم جمال الدين الأميوطي الشافعي.
وترك لنا شيخنا أبو المحاسن الشيبي مؤلفات جمة اقترنت باسمه ودلت على غزارة علمه. قلب القلب في ما لا يستحيل الانعكاس، بديع الجمال، تمثال الأمثال، وهو موضوع تحقيق والعناية في هذا السفر. وهذا الكتاب ألف للملك الناصر أحمد بن الملك الأشرف إسماعيل صاحب زبيد وتعز وعدن، وغيرها من مناطق اليمن.
ويبدو أن أبا المحاسن كان قد اعتمد كتابين أساسيين من كتب الأمثال في تدبير مادة كتابه تمثال الأمثال، وهما: 1-مجمع الأمثال للميداني. 2-المستقصى في الأمثال للزمخشري.
غير أن ذلك لم يمنعه من الإفادة من مصادر أخرى، مثل كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني وكتاب شرح الأمالي للبكري والقاموس المحيط للفيروزأبادي والصحاح للجوهري وحياة الحيوان للدميري ومعظم مؤلفات الثعالبي. وهذا ما أغنى عمله، وجعله يقف على مادة علمية عظيمة الفائدة.
وقد أشار إلى هذه الأهمية وهذا الغنى في المادة العلمية التي حواها كتاب "تمثال الأمثال"، معظم مؤلفي المعاجم، وجلة الشيوخ من دارسي تاريخ الآداب العربية، أمثال بروكلمان والزركلي وعمر رضا كحالة، والمستشرق الألماني. وهذا الأخير وقف على كتاب تمثال الأمثال. حيث يعطي المؤلف تعريفاً بالمثل من ناحية وصفه واستعماله متتبعاً في ذلك الفارابي في كتابه "ديوان الأدب"، وبعد ذلك، ينتقل إلى الفصل الأول: الهمزة مع الألف, إن عناوين الفصول مكتوبة بالحبر الأحمر، ترتيبها أبجدي تماماً، وتنتهي بالياء مع الواو. معظم الفصول بشكل عام قصيرة، وفيها الكثير من الاستشهادات الشعرية والنقول عن المصادر.
حقاً، لقد أوفى أبو المحاسن هذا العمل حقه من العناية والإطلاع والدراسة، ولذلك استحق عن جدارة أن يكون في طليعة كتب الأمثال التي صنفها شيوخ الأدب وعلماء اللغة عند العرب.