يعتبر كتاب التمثيل والمحاضرة من روائع ما دبجت وحبرت يمين الثعالبي. وكان قد كتبه لأمر الأمير شمس المعالي قابوس بن أبي طاهر وشمكير كمما ذكر الثعالبي نفسه في مقدمة هذا الكتاب وعلى الرغم من كثرة كتب الأمثال والحكمة التي كان قد سبق إلى تأليفها وتصنيفها، الكثيرون من العلماء...
يعتبر كتاب التمثيل والمحاضرة من روائع ما دبجت وحبرت يمين الثعالبي. وكان قد كتبه لأمر الأمير شمس المعالي قابوس بن أبي طاهر وشمكير كمما ذكر الثعالبي نفسه في مقدمة هذا الكتاب وعلى الرغم من كثرة كتب الأمثال والحكمة التي كان قد سبق إلى تأليفها وتصنيفها، الكثيرون من العلماء والأدباء العرب والمسلمين، غير أن كتاب "التمثيل والمحاضرة للثعالبي ينحاز عنها جميعاً بنهجه الذي نهجه فيه وبطريقته الخاصة التي عرضه فيها والتي ميزته عن سائر كتب الأمثال التي سبقته.
فقد جعله الثعالبي في أربعة فصول كبرى، مهد لها بمقدمة عرض فيها عمله في صناعة هذا الكتاب من كتب الأمثال وخطته التي اتبعها. والأشراف بل الغايات التي كان يرجى بلوغها. فهو يقول عن كتابه التمثيل والمحاضرة نفسه بنفسه: "إسلامي جاهلي، عربي عجمي، وملوكي سوقين وخاصي عاصي، يشتمل على أمثال الجميع، ويضم نشر ما يجري مجراها من ألفاظهم، ويتضمن ما يأخذ مأخذها من فرائد النثر وقلائد النظم، وفوائد الجد ونوادر الهزل".
ويضيف الثعالبي عارضاً ما احتواه كتابه التمثيل والمحاضرة من آثار وأقوال أهل الدين والدنيا، فيقول: "فيوجد فيه ما يتمثل به من القرآن والتوراة والإنجيل والزبور، وجوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، وكلام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبله، وكلام الصحابة والتابعين رضي الله عنهم بعده. وعيون أمثال العرب والعجم، وما يناسبها وما يشاكلها من نتف الخلفاء، وفقر الملوك والوزراء، ونكت الزهاد والحكماء".
ويذكر الثعالبي أنه تتبع في كتابه هذا لمع المحدثين والفقهاء وحكم الفلاسفة والأطباء، وغرر البلغاء والشعراء، وملح المجان والظرفاء وطرف السؤال والغوغاء، وما تختصر به طبقة من هؤلاء، وما يتقرر به كل فرقة من الدهاقين والتجار، وسائر أهل الصناعات المتباينة الأقدار.
ولا يعدم الثعالبي في كتابه ما يتمثل به "من الشمس والقمر والنجوم والآثار العلوية والدهر وضروب الجمادات وأنواع الحيوانات وصنوف الأدوات والآلات، ولا يشذ عنه ما ينخرط في سلك الأمثال من ذكر الأحوال والمحاسن والمساوئ والأصناف.
وبالنظر للأهمية التي احتلها هذا الكتاب فقد اهتم "قصي الحسين" بتحقيقه. فاعتنى أولاً: بضبط لغة النص ضبطاً دقيقاً، من ثم قام بضبط الآيات القرآنية الكريمة، كما وضبط الأحاديث النبوية الشريفة ضبطاً كاملاً، إلى جانب من اهتم بضبط الشواهد الشعرية، والأمثال وترجم للأعلام والشعراء، وألحق بالكتاب فهارس متنوعة مثل: فهرس الأعلام، فهرس الآيات، فهرس المصادر، والمراجع وفهرس الأبيات الشعرية.