ينهض هذا الكتاب على أساس من نظرية تستقر في الأذهان، وهي تقول بضرورة دراسة الآداب في نفوس طلابها وفي نصوص منشئيها سواءً بسواء.ذلك أن أي كتاب، لا بدّ أن يتصل بهدفه التعليمي الملازم لتوجهه شاء من شاء، وأبى من أبى. فما بال الباحث في آداب العصر الأموي، الذي يقصده طلاب العلم،...

ينهض هذا الكتاب على أساس من نظرية تستقر في الأذهان، وهي تقول بضرورة دراسة الآداب في نفوس طلابها وفي نصوص منشئيها سواءً بسواء.
ذلك أن أي كتاب، لا بدّ أن يتصل بهدفه التعليمي الملازم لتوجهه شاء من شاء، وأبى من أبى. فما بال الباحث في آداب العصر الأموي، الذي يقصده طلاب العلم، أجيالاً بعد أجيال، وخصوصاً بعدما تصالح الأسلاف على أن يجدوا فيه آخر عصور الاحتجاج للعربية وآدابها على حدّ سواء.

لهذا كان الإصرار الشديد على أن ينحو هذا المؤلف نحواً تعليمياً راشداً، فلا يترك غضاضة في النفس، إن لجهة الإجمال، أو لجهة الإلمام، أو لجهة التفصيل، فيمنح القارئ بذلك، وقتاً للجدّ ووقتاً للدعة. فلا يجعله يكلّ أو يمل.

كما وأن وعي مؤلفة بجسامة المسؤولية التعليمية التي قصد إليها قصداً في هذا الكتاب، الذي يدرس آداب العصر الأموي، خدنه، تلك الجسارة التي اتبعت في طرح مسائل الأدب وحوافزها ومظاهرها. ناهيك عن التوقف عند بعض أعلامه، وهم رموز الأدب الكبار في ذلك العصر: فكانت الإحاطة أو التفاصيل، تتلاءم مع نفوس الطلاب ونصوص المنشئين الأعلام، فلا تطغى ضرورة على ضرورة، إلا بمقدار ما يخف الراحل برحله، أو يحفّ السائل بسؤله.

في هذا الإطار التعليمي العام جاءت مادة هذا الكتاب لتعرض للأدب العربي في العصر الأموي، حيث تتحدث عن أثر العامل السياسي على الحركة الأدبية إضافة إلى أثر الامتزاج بين العرب وسائر الشعوب المحيطة بهم من خلال توغلهم في أعمال الفتوح في بلاد الشام والعراق ومصر وبلاد المغرب العربي.

كما تحدث عن أثر ذلك على حركة الشعر في العصر الأموي، وظهور أنماط أدبية جديدة لم يعهدها العرب قبل ذلك كالغزل العذري وشعر الوعظ والنسك، إلى جانب هذا قدم الكتاب طرفاً من أخبار الخوارج والشيعة وسائر الفرق الإسلامية ويقدم نماذج من شعرهم وأدبهم.