المفضل الضبي راوية أديب، من علماء الكوفة الأفذاذ، كان عالماً بالأخبار والشعر والعربية، وهو أوثق من روى الشعر من الكوفيين، ويذكر ابن النديم أنه خرج مع إبراهيم عبد الله بن حسن، فظفريه المنصور فعفا عنه، ألزمه المهدي، فعمل له الأشعار المسماة "المفضليات" وكانت وفاته نحو...
المفضل الضبي راوية أديب، من علماء الكوفة الأفذاذ، كان عالماً بالأخبار والشعر والعربية، وهو أوثق من روى الشعر من الكوفيين، ويذكر ابن النديم أنه خرج مع إبراهيم عبد الله بن حسن، فظفريه المنصور فعفا عنه، ألزمه المهدي، فعمل له الأشعار المسماة "المفضليات" وكانت وفاته نحو 170هـ.
وكتابه هذا هو أول كتاب في الأمثال العربية وعلى الرغم من صغر حجمه إذا قيس بما ظهر بعده من كتب الأمثال، إلا أنه جاء مشتملاً على مائة وسبعين مثلاً فقط، منها ثمانية على وزن (أفعل من). وأهم ما يلاحظ عليه أنه مفعم بالوقائع والأحداث الجاهلية التي تدور حول سادة القبائل والعشائر وشيوخها وشعرائها، والتي يتصل بعضها بأيام العرب في الجاهلية.
يبدأ الكتاب بقصة خبّة بن أدّ بن طابخة وابنيه سعد وسعيد، وأما أرسله ضبة خلالها الأمثال الثلاثة المشهور، وينتهي بخرافة "الحية والفأس" التي قيل فيها المثل السائر (كيف أعاودك وهذا أثر فأسك). وبين بدايته ونهايته تفصيل واف لبعض أيام العرب في الجاهلية، والوقائع التي حدثت فيها، وما قيل فيها من أمثال وأشعار، كحروب دامس والغبراء، وحرب البسوس، وبينهما كذلك تفصيل دقيق لقصة الزباء وجذيمة الأبراش، تتخلله الأشعار والأمثال التي بلغت اثني عشر مثلاً.
وينطوي الكتاب كذلك على أخبار شتى عن لقمان العادي، تساق خلالها الأمثال التي أطلقها أو تتصل بهذه الأخبار. وفيه أخبار عن الشعراء: أمرىء القيس، وطرفة، والسليك بن سلكة، والنمر بن تولب والحطيئة والمتلمس. وإذا قرأت لكتاب أحسست لأول وهلة، أنه كتاب أخبار وأشعار وانساب قبل أن تكون أمثال، ووجدت فيه قرابة المائة حادثة، سردت سرداً قصصياً، يجيء خلاله، أو عقبة المثل أو الأمثال والبيت من الشعر أو الأبيات.
ولأهمية هذا الكتاب اعتنى الدكتور "قصي الحسين" بتحقيق هذه النسخة التي بين أيدينا من الكتاب شارحاّ ما غمض من معاينة وما أشكل من ألفاظه.