إن من محاسن الأيام على المشتغلين بصنعة الأدب وجمعه. أو من فضائلهم عليها-أن يتصدوا لمثل هكذا مؤلفات تحفظ أنسابهم بعد ما تفرقت ووقائعهم وأيامهم بعدما اندرست وخططهم وأشعارهم ومقالاتهم بعد ما نسيت.إن هذا الكتاب "قلائد الذهب في معرفة أنساب العرب" يندرج ضمن ذلك الدرج الوهاج، فهو...
إن من محاسن الأيام على المشتغلين بصنعة الأدب وجمعه. أو من فضائلهم عليها-أن يتصدوا لمثل هكذا مؤلفات تحفظ أنسابهم بعد ما تفرقت ووقائعهم وأيامهم بعدما اندرست وخططهم وأشعارهم ومقالاتهم بعد ما نسيت. إن هذا الكتاب "قلائد الذهب في معرفة أنساب العرب" يندرج ضمن ذلك الدرج الوهاج، فهو معتمد ثقة لكل طالب أدب وكل قارئ تاريخ فضلاً عمن يبحث عن نسي وحسب وقد أضاعه كر الزمان وفره.
فكان أن قسمه على أبواب وثوابت خص للنسب فيها حصة الأسد وجعله له العمد فمنه تفرعت فنونه ولديه وقفت أيامه وسنواته. مبتدأ من آدم أبي البشر لتكثر فائدته وتعم منفعته مروراً بقبائل العرب مصافحاً في ذلك عدنانها وقحطانها ومضرها ومن انتهى إليهم ومن حسب عليهم وهو أمر كان غاية المنة في التعارف بين الناس وفخرهم وحفظ شرفهم.
ناقلاً بعد ذاك مراميه إلى وقائع العرب في جاهليتها وإسلامها ورسائلها وخطبها وممالكها ودولها داعماً رواياته وأحكامه برسوم وخطط ظاهراً فيها حسن الترتيب ومتعة الأسلوب وقد نفض ثوب مؤلفه من الإطناب الممل والإيجاز المخل وكان أمراً بين أمرين سالكاً درب من سبقه كصاحب السبائك. السويدي البغدادي، ومحرر النهاية-القلقشندي منيراً درب من رام اتباع الأثر.
فقد نحى مصطفى حمدي بن أحمد الكردي البالوي الدمشقي منحاً لطيفاً وقصد قصداً شريفاً بجمعه وتأليفه هذا السفر النير وإخراجه هذا المخرج الكريم مما لا غنى لأحد عن معرفة ذلك ومطالعته لما فيه من متعة وفيرة وفائدة غزيرة.
وقد تشرفت دار ومكتبة الهلال بتصحيحه ونقله وتقديمه والتعليق عليه ليخرج بصورة أكثر بهاء ليصل إلى يد القارئ الكريم وهو في أحسن حلله، إيماناً منها في نشر الكتب الأدبية والثقافية وإحياء التراث العربي وهو غاية القصد ومنتهى الأمل.